ماجد حميد
تمثل إشكالية المشاركة السياسية للمرأة في العملية السياسية القضية الأولى في سلم التطور الاجتماعي للمجتمع . فهي قضية اجتماعية اصلاً ، تعكس بشكل جذري وضع النساء في المجتمعات المعاصرة , فما زال الكثير من المؤسسات المعنية بالشأن الاجتماعي في العراق تتحرج من طرحها أو مناقشتها لأنها تتقاطع مع الصورة النمطية للمرأة السياسية في ذهنية الرجل.
ان المشاركة السياسية للمرأة ترتبط بالبناء الاجتماعي الذي قد يكون محفزاً لها أو عائقاً أمامها , وعلى طبيعة الحرية التي يمنحها المجتمع للمرأة كاندماجها في الجمعيات , والمنظمات المهنية , والنقابية , والأحزاب السياسية , والهيئات التمثيلية . إذ تعد المشاركة السياسية للمرأة في العملية السياسية وادارة شؤون المجتمع المدني من المؤشرات الدالة على تطور المجتمع وديمقراطية نظام الحكم في الدولة .
ان من اخطر التحديات التي تواجه العلاقة بين الجنسين في المجتمع العراقي بشكل خاص و في المجتمع العربي عموماً تتمثل في شيوع النموذج التقليدي للنوع الاجتماعي الذي يتسم ب :-
1- مركزية العائلة , عوضاً عن مركزية الفرد , حيث تلعب النساء والرجال ادواراً متكاملة ولكنها ليست بالضرورة متكافئة .
2- مركزية دور الرجل كعائل وحيد للأسرة وأن كانت زوجته عاملة .
3- حاكميه القيود على الاختلاط بين الجنسين وذلك باعتبار كرامة وشرف الأسرة مرتبطان بسمعة الرجل .
4- سيادة ميزان قوي غير متكافئ بين الرجل والمرأة في المجال الخاص مما يؤثر سلباً على ولوج المرأة في المجال العام .
ان هذه العوامل منفردة أو مجتمعة تسهم بشكل كبير في الحد من المشاركة السياسية للمرأة لانها تمثل ولوج المرأة في الشأن العام الاجتماعي الذي ارتضى الرجل ان يكون قيماً عليه بلا منازع مع وجود فرق في الدرجة وليس في النوع بين الدول العربية تبعاً لمستوى التطور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بها .
وعلى الرغم من التقدم الكبير في مجال مشاركة المرأة العربية في العملية السياسية والمتمثل في :-
1- زيادة تمثيل المرأة العربية في البرلمانات .
2- اشراك المرأة في العمل السياسي كجزء أساس من عملية الاصلاح السياسي في البلاد العربية .
3- انشاء منظمة المرأة العربية .
4- تنامي الدور الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية.
إلا إن تقرير (( تمهيد الطريق نحو التمكين )) الذي اعده المكتب الإقليمي للدول العربية لصندوق الأمم المتحدة الانمائي للمرأة . أشار وبشكل صريح الى ان درجة مشاركة المرأة العربية في العملية السياسية تتسم بدرجة أكبر من البطء ، وعدم التنظيم . ولعل هذا الوضع يختلف كثيراً بالنسبة للمرأة العراقية اذ إن من أهم المكاسب التي تحققت للمرأة العراقية في ظل النظام السياسي والاجتماعي الذي انبثق في أعقاب التغيير الذي حدث بعد 9/4/2003 هو زيادة نسبة التمثيل النيابي للمرأة إلى 25% في البرلمان العراقي ، وهي أعلى نسبة تمثيل للمرأة في دول المنطقة وفي الكثير من دول العالم .
أن مشاركة المرأة العراقية في الحياة السياسية ووصولها الى مؤسسات صنع القرار السياسي لاسيما مجلس البرلمان ، يقدم صورة ايجابية عن الديمقراطيات الناشئة في المجتمع المعاصر , ويسهم في تغيير نظرة شريحة الرجال لدور، ومكانة المرأة في الحياة , فضلاً عن تحفيز النساء أنفسهن للاهتمام بالأنشطة العامة في المجتمع وتهيئة أنفسهن لممارستها .
الصفحة الثانية/ السنة العاشرة/ العدد 23 /08 اذار 2013
0 comments:
Post a Comment