جميع الحقوق محفوظة لصالح جريدة المساواة الرجاء ذكر المصدر عند اعادة النشر او الاقتباس

All rights reserved for Al Mousawat Journal Please mention the source when you republish or quote




Monday, February 20, 2012

تل المخطئات: المثوى الأخير للأنثى الشرقية باسم الشرف


تقصّي واعداد: جنات الغزّي
مراجعة: ايفان الدراجي



أثناء زيارة وفدنا وفد منظمة حرية المرأة في العراق OWFI لمدينة الناصرية من أجل حملتنا للتنديد بالعنف ضد المرأة خصوصا فيما يتعلق بما يسمى (القتل باسم العار)، تلك العادة الموروثة والمتأصلة التي تنتهك حياة أي أنثى شرقية باسم الشرف الذكوري الذي يتوقف بأجمعه على تصرف الإناث في العائلة ودرجة تحررها وأخلاقها ، حيث تُحاسب بالقتل البشع لأي تصرف لا يعجب ذكر العائلة (ولي الأمر حسب المفاهيم الشرقية ومالكها وصاحب القرار بشأنها) أو يهدد شرفه وكيانه ومكانته القيادية في العشيرة أو القبيلة. سرقت انتباهي امرأة تبكي بحسرة ومرارة عند أحد التلال التي تقع خارج حدود مركز المدينة التي كنا متوجهين إليها لغرض الكشف والاطلاع على المكان الأسطوري الذي يُعد المثوى الأخير لأي أنثى تعتبر مُخطئة ومُذنبة بحق شرف العشيرة أو القبيلة وسببت لهم وصمة عار لأي تصرفٍ كان. كانت السيدة كئيبة المظهر مغبرة الوجه والثياب مما قادني للتكهن بالفترة التي قضتها هنا على ذلك التل الذي يُسمونه (تـل المُخطئات)..لكن عن أي خطأ نتحدث وتحت أي مُسمى عُدَّ خطئاً؟
سـرّ التـل:
اقتربت منها محاولة سؤالها عن قصتها لكنها بلا وعيٍ ظلت تجهش بالبكاء عندما رأتني أقترب منها بصوتٍ أدمى قلبي، إنها حسرة أمٍ احترق قلبها على ابنتها التي قتلها أحد الذكور خوفا على شرفه فقط لأنها كانت ضحية جريمة اغتصاب لا ذنب لها فيها سوى إنها كانت بالمكان والزمان الغير مناسبين! من الجاني هنا ومن المجني عليه؟ وأي حكمٍ هذا الذي يقتضي بمعاقبة الضحية بأبشع صورةٍ تستنكر لها الإنسانية أجمع؟
عند التل الذي يقع في المنطقة الواقعة الشمال الغربي من مدينة الناصرية وفي المناطق العائدة لناحية البطحاء (40 كلم شمال غرب الناصرية مركز محافظة ذي قار) وبالقرب من مدينة أور الأثرية حيث تكثر هناك التلال الأثرية مما يجعلها منطقة ملائمة لتكون مدفنا لمن يتم قتلها باسم غسل العار، بعيدا عن أعين الناس والقانون رغم أن القانون لا يتخذ موقفا حقيقا حازما ضد مرتكبي هذه الجرائم كما سنأتي على ذكره بالتفصيل. فعند تحرينا عن تلك التلال والتي يسميها الأهل (بالايشان) اكتشفنا أنها تلال أثرية وهي بقايا معابد لحضارات قامت في هذه المناطق قبل آلاف السنين بل إن كلمة (ايشان) المستخدمة حاليا من قبل السكان المحليين هي كلمة سومرية وتعني التل. ذلك التل وكثيرُ على شاكلته يُعد مرتعا للذئاب والكلاب السائبة أو الثعالب وغيرها من الحيوانات التي تنبش القبور أو بالأصح الحفر التي تُدفن بها المغدورات دون مراعاة حق الميت بدفن لائق من ناحية الطقوس الدينية المتعارف عليها وهناك أيضا من يحرق جثثهن أو يُمثل بهاٍ، حيث يُدفّن –إن دُفّن- بملابسهن دون تكفين أو تلقين ، والمثير في الأمر أن كل قبيلة أو عشيرة من عشائر المنطقة قد خصصت تلا من التلال الموجودة في مناطقهم لدفن هؤلاء المغدورات ، ذلك لعدة أسباب فهم يعتقدون أن المجني عليهن لا يستحققن الدفن في المناطق المخصصة لبقية الموتى ويعتبروها مناطق مقدسة لا ينبغي تدنيسها بجثث هؤلاء المخطئات، السبب الثاني أنها مناطق اعتادت بعض العشائر على دفن الأطفال فيها ووجود الناس قربها لن يثير الشك بوجود جريمة والسبب الثالث أنها مناطق مرتفعة وسوف تكون بمأمن من الغرق في حالة حدوث فيضان مما قد يفضح وجود الجثث فيها. إن هذه التلال تُعد مرتعا لمختلف الحيوانات التي تنبش الأرض وتأكل جثث المغدورات، فتجد أشلاء لحمٍ متراميٍ هنا وهناك وبقايا شعر وثياب متطايرة أو عظام للجثث القديمة، منظرُ بشعٌ حقاً لا يوحي بأننا حقاً في القرن الواحد والعشرين ولا بمدينة متحضرة ..عقوا أقصد مدينة يقطنها البشر! كأننا نسير بمجزرة لغُزاة من خارج كوكب الأرض.. ذلك الوصف الوحيد الذي يمكن لأي عقل صحيح أن يستوعبه أو يتقبله.. تزاحمت آلاف الأسئلة وتصاعدت وتيرة الغضب على السكوت الذي يحيط بهذه الوقائع والجرائم التي رافقتنا مذ كانت الناس تعيش كقبائل تتنقل في الصحارى وتسكن الخيم وتربي الحيوانات، كانوا يأدون البنات خوفا على شرفهم بمجرد أن تلفظ أول نفسٍ لها على مشارف الحياة ثم ما تلبث أن تُدفن حيةً باسم الشرف!!
أن كثيرا ما اصطدمت فؤوس لصوص الآثار الباحثين عن الكنوز الأثرية بهذه المناطق بجثامين المغدورات وهشمت جماجمهن دون اكتراث وذلك أن أهالي هؤلاء المقتولات قد قطعوا صلتهم بهن وبجثثهن وبكل ما يتعلق بهن و لا يسمح لأي من أقارب المغدورة بزيارة قبرها ولا حتى إقامة مجلس عزاء لهن بل يمنع حتى من إحياء ذكراها ولو بكلمة ، فهم يريدون أن ينسى الناس أي شي بخصوص الفتاة المقتولة باسم غسل العار.
قصصهن :
قمنا بالتقصي عن قصص هؤلاء المغدورات ولم تكن مهمتنا بالسهلة حيث أن الناس تكون حذرة جدا حيال هذه المواضيع ولا يتكلمون عنها إلا عندما يطمئنون تمام الاطمئنان إلى مستمعيهم إذ أن أي كلمة تتعرض للشرف الذكوري مهما كانت تُعد تابو مُحرم يُنزل بحقها أشد القصاص، إضافة لهذا فإن الخوض في هذه الأحاديث في أماكن عامة قد يجلب المتاعب لمن يتحدث بهذا الموضوع. لكننا استطعنا أن نلتقي ببعض المقربين من الضحايا بعد أن اطمأنوا إننا لن نبوح بأسمائهم لأي جهة من الجهات .
القصة أ - كان لقائنا الأول بوالدة المغدورة (د) والتي تبلغ من العمر 16 سنة ، وهي من سكنة إحدى القرى بين الناصرية وناحية البطحاء حاليا، إذ كانت تسكن وعائلتها في إحدى ضواحي بغداد وبعد الاحتلال أصبحت المنطقة من المناطق الساخنة ، فتعرضت عائلة المغدورة إلى التهجير لأسباب طائفية عام 2007 ، وبعد أن نزحت العائلة إلى محل سكناها في القرية التي تنتمي عشيرتهم إليها ، منعت (د) من الالتحاق بالمدرسة بسبب ان اقرب مدرسة ثانوية للبنات تبعد عن مدينة الناصرية 25 كم بالإضافة إلى مفهوم الأهالي الذين يعودون بأصولهم للريف والبدوية في تلك المنطقة والذين لا يعتقدون حق الفتاة في استكمال تعليمها وهذا الأمر جعل من المستحيل أن تستمر في دراستها، إضافة للتقاليد القروية المتزمتة  التي جعلتها تضيق ذرعا بالحياة في المكان الجديد فأخبرت أهلها أنها لم تعد تتحمل هذه الحياة لكنهم لم يأبهوا لها لكونها فتاة ولا يحق لها أن تطلب أي شيء،  أقنعت (د) ابنة خالتها التي تبلغ من العمر20 عام وتدعى (ص) وهي أيضا من عائلة مهجرة من بغداد، أقنعتها بالذهاب معها إلى بغداد والعودة إلى منطقتهم بعد أن سمعت أن المنطقة أصبحت أكثر أمنا ولكن الفتاتين غادرا القرية دون علم ذويهم أو موافقتهم التي يُعد الحصول عليها مستحيلا، وعند وصلوهم إلى بغداد ذهبن إلى بيت إحدى صديقاتهن. وعندما اكتشفت العائلتين أن الفتاتين قد تركتا المنزل قاموا بالتحري عنهما فاخبرهما البعض إنهما شوهدتا تركبان السيارات المتوجهة إلى بغداد ، فقام الأهل بتشكيل فريق من الشباب وتوجهوا إلى بغداد وبعد عدة أيام من البحث والتقصي عرفوا أنهن توجهن إلى المنطقة التي كان يسكنها و حددوا البيت الذي لجأتا إليه، ثم طلبوا من العائلة تسليم الفتاتين وإلا سوف يكون صاحب البيت عرضة للقتل واتهامه بتحريض الفتاتين على الهروب من منزلهما مما دفعا صاحب البيت لتسليم الفتاتين إلى أقاربهن الذين بدورهم قاموا بأخذهن إلى قريتهن ومن ثم تحويلهن إلى تل المخطئات حيث قتلتا خنقا ومُنعت والدتيهما من الوقوف على قبرهما أو حتى البكاء عليهما. 
القصة ب - تدور أحداث قصة الضحية الثانية بنفس المنطقة وحدثت في بداية العام والتي اخبرنا عنها شهود رفضوا الإفصاح عن أسمائهم، تدور القصة حول فتاة  تبلغ من العمر 17 عام تدعى (ن)  كانت على علاقة بأحد الأشخاص الذي يسكن في نفس المنطقة ويدعى (ع) وبعد فترة طلب الشاب من والدته أن تقوم بخطبة الفتاة ليتزوجها وبعد أن رفضت الأم طلبه اخبرها بان الفتاة حامل نتيجة علاقة بينهم فما كان من أم الشاب إلا أن تذهب لعشيرة الفتاة وتخبرهم بان ابنتهم حامل من ابنها نتيجة علاقة غير شرعية  طالبةً منهم قتلها وغسل عارهم وأخبرتهم أنها على استعداد إعطائهم اثنان من بناتها  كفصل (تعويض: وهو تقليد عشائري متخلف آخر يقضي باستخدام النساء كتعويض وثمن عن أي خلاف أو خطأ يرتكبوه بحق عشيرة أخرى)عن ابنتهم ، وطبعا تم قتل (ن) بدم بارد بتحريض من امرأة جعلتها التقاليد والعادات الظالمة عدوة لبنات جنسها، ظالمة لاثنتين من بناتها واللتان ستعاملان طوال حياتهما كالجواري لأنهن تم تزويجهم كـ ( فصلية) وليس كزوجة.
القصة جـ - القصة الثالثة تدور أحداثها بمدينة الشطرة (40 كم) شمال شرق مدينة الناصرية، والضحايا هما امرأتان؛ الأولى تُدعى (ف) 19 سنة وهي حديثة الزواج والثانية زوجة شقيق زوجها وتُدعى (ن) وعمرها 35 سنة، متزوجة ولديها خمسة أطفال ، حيث ذهبت الضحيتان إلى مدينة الناصرية من اجل التسوق، وفي الطريق أخبرهما سائق السيارة التي استأجرنها أن السيارة تعاني من بعض المشاكل ويتوجب عليه التوقف للحصول على ماء من اجل تبريدها، وبعد أن توقفت السيارة اخبرهما أن عليهن النزول وانتظاره بأحد المدارس القريبة والتي كانت فارغة بسبب العطلة الصيفية، وعندما دخلتا إلى المدرسة للاحتماء من شمس الظهيرة، قام السائق بغلق الباب والتهجم عليهما بغية الاعتداء عليهن، ولكنه لم يستطع النيل منهما بسبب إنهن كن اثنتين فدافعتا عن نفسيهما بضراوة مما دفع بالسائق إلى حبسهن داخل احد الصفوف وغلق المدرسة والهرب. ولم يستطعن الخروج من المدرسة إلى حين مجيء حارس المدرسة في اليوم الثاني، وعند ذهابهن إلى عائلتيهن وإخبار أزواجهن عما حدث لكن ذلك لم يشفع لهن حيث تم قتلهما رغم تعاطف الزوجين بحجة إنهن قضين ليلة خارج البيت ولم يعلم أحد أين كانتا، وهكذا الضحية تقتل والجاني يسلم بفعلته.
أتساءل أين موقف الجهات التي تسمي نفسها بالمسؤولة والأمنية واين هم الذين الذين يدعّون انهم يمثلون القانون؟ وهل لديهم علم بما يجول في تلك القرى من انتهاكات لحقوق المرأة الإنسان؟
الجدير بالذكر أن اغلب المغدورات يحتفظن بعذريتهن ويتم قتلهم دون التأكد من صدق الإدعاءات التي تُكاد ضدهن. أن سيناريو القتل باسم غسل العار ما زال مستمرا إلى وقتنا هذا ويذهب ضحيتة تلك الجرائم نساء وفتيات لا ذنب لهن، إذ يذهبن ضحايا وقرابين للشرف المزعوم بهدف نيل الرضا من قبل نظم وأعراف لا تعرف الرحمة ولا ترتوي إلا من دماء النساء وبعيدة كل البعد عن معنى الإنسانية.

مسلّة الشرف الذكوري وقوانينها:
أن كلمة شرف يمكن أن تحوي تحت مظلتها العديد من المفاهيم التي تغنى بها الشرقيون وبذلوا في سبيلها الأرواح والأموال، لكننا هنا نعني الشرف الأعظم –بالنسبة لهم- الذي يُربط بجسد المرأة وكل ما يتعلق بها حتى كادت تكون مسلّة الشرف الذكوري الشرقي بامتياز، كيف ذلك؟ يتمثل ذلك في الظلم و التمييز المعنوي والمادي والديني والقانوني والنفسي الذي يُمارس في حق المرأة، وفي حال الاشتباه -مجرد الاشتباه- في سلوكها فأنها بالمقابل قد هزّت صرح الشرف الذكوري واستحقت بذلك عقاب الموت ونفي تاريخها ووجودها أصلا، فيما يتمتع الرجل بحصانه تمنحه الشرعية لممارسة ما يحلو له ضمن سيادة وقوانين المجتمع الذكوري. كثيرة هي الأفكار والعادات والتقاليد التي نمارسها في مجتمعاتنا المعاصرة والتي لا تتوافق والإنسانية، فقط لأنه تم توارثها من الأجيال السابقة، وتبقى غير قابلة للنقاش والنقد ومحاولة التفكر بها وإيجاد حلول موضوعية لها لأن مجرد الإشارة لبوصلة الإنسانية تعني مخالفة ما تعود عليه المجتمع وعززته القوانين ، إذ أن المرأة كانت وما زالت مملوكة من قبل أحد رجال العائلة تبدأ ملكيتها بالأب ثم الأخ في حال فقدانه أو أي من الرجال الأقارب بالدرجة الأولى ثم تنتهي بالزوج ومن ثم القبر، فهي كالسيارة لا بد من أن يتسلم أحدٌ مفاتيحها ويتولى قيادتها!! وكلمة مملوكة تشمل جميع تبعات الملكية من قرارات وتحكم وانتهاك واستغلال وتمتع وغيرها. هذا ما هو متعارف بشأنه ومُتبع في الدول الشرقية وخصوصا العربية منها حسب عاداتهم وتقاليدهم التي أُسست منذ الجاهلية والتزموا بها إلى يومنا هذا وظلت القوانين الموضوعة أيضا من قبل الرجال تُعزز وتُمكن الرجال من تلك العادات ناهيك عن الشرائع الدينية المتبعة وخصوصا الإسلامية التي تقوم عليها الحكومات والدول العربية والتي ساندت تلك العادات وشجعتها وشرعتها إرضاءا لهم من حيث جعل المرأة تابعا للرجل ومُلكا له وفق سنن الزواج والأذونات الأخرى كالخروج من المنزل والسفر والحفاظ على العذرية وعدم ممارسة الجنس خارج إطار الزواج ومع غير الزوج وتحريم تعدد الأزواج بينما يُبيح كل ذلك للرجل! ناهيك عن حقوقها الطبيعية كإنسان كجسدها وأموالها وميراثها وباقي ممتلكاتها باتفاق وإجماع من قبل المؤسسة الذكورية العشائرية والمؤسسة الدينية من خلال وضع قيود وشروط العفة المفروضة على الأنثى قبل الاعتراف بها كانسان محترم: حيث تقوم القوانين ومؤسسات الدولة والإعلام كلها بالتطبيل والتزمير والفخر بممارسات الحجر على الأنثى والتقليل من مكانتها في المجتمع : يبدأ الموضوع بالحجاب، ويستمر لمراقبة تحركات المرأة في العشيرة والعائلة، وفرض الخدمة المنزلية عليها وتربية الأطفال. وحرمانها حق التعليم ومزاولة العمل، وتُكرس عقوبات قانونية مختلفة كما عقوبة لما تسميه القوانين بالـ (الناشز).
موقف الحركات النسوية:
بالرغم من دعاوى الدستور بتحقيق بعض المساواة للمرأة، إلا انه لم يتطرق لمبادئ الحد من ممارسات العنف ضد المرأة وقتلها من قبل المؤسسة العشائرية أو أطراف من ذوي الارتباطات بميليشيات دينية.
- تشريعات قتل النساء: المحاكم تطلق قتلة النساء بسبب الفقرات التالية التي تتسامح مع القتل لأغراض الشرف (128-11/409)، (وقانون العقوبات-فقرة 128 حول المرونة مع القتل بدافع الحفاظ على الشرف- وفقرة 409 خول تبرير القتل) ....فقرات يجب تجميدها وإزالتها من القوانين
- فقرات يجب إضافتها إلى القوانين: إن قتل المرأة جريمة يعاقب عليها القانون دون أي تساهل، وكذلك تجريم ضرب الزوجة والأخت وإلام.
- نظام قضائي ذكوري: القضاة يتعاطفون مع العرف العشائري والذي يقضي بقتل الفتاة المشتبه بها (والتمثيل بها كذلك)
- الإعلام العراقي والعربي ذكوري يدعم موجه تحقير المرأة والمسلسلات العربية تقصف ذهن جيل الشباب بمفاهيم الشرف الذكوري وإرهابه بمبدأ ضرورة قمع المرأة عن (الخطيئة)، مما يعيد إنتاج مفاهيم كونها ناقصة عقلا ودينا.
-عدم وجود هيئات أمنية تحمي المرأة من العنف المنزلي ومن القتل وبإجراءات تجعل وصولهم إلى كل دار في العراق إمكانية قائمة.
كشف تقرير لوزارة وزارة حقوق الإنسان  العراقية عدم وجود أي تراجع أو انخفاض ملحوظ في جرائم الشرف، أو القتل غسلا للعار، نتيجة ترسخ تقاليد وأعراف اعتبرتها ثابتة ومستمرة. الصادر في 24 تشرين الأول، عن قتل 84 امرأة في عام 2009، مقارنة مع 87 حالة قتل في عام 2008. حيث تصدرت محافظتا بغداد، وذي قار، قائمة ضحايا جرائم الشرف بواقع 15 امرأة لكل من المحافظتين تلتهما واسط 9 نساء، والنجف 8، والانبار 4، وبابل 3، وميسان 3، وجريمة قتل واحدة في الديوانية ومثلها في المثنى.

تقرير وزارة حقوق الإنسان ذكر أن الإحصائية التي لم تشمل محافظات إقليم كردستان، تشير إلى (عدم حصول تطور ايجابي في المجتمع يمكن معه عدم اللجوء إلى قتل المرأة بدافع الشرف). حيث أشارت صحيفة (إندبندنت) البريطانية في تقرير لها بأن الشرطة والمحكمة في المناطق الكردية يبدون تعاطفا أكبر مع ضحايا جرائم الشرف، مقارنة بوضع المرأة التي لا تجد الحماية اللازمة في باقي المناطق العراقية. وجاء في تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساندة العراق في يونيو/حزيران 2007 أن عمليات العنف ضد النساء في كردستان ارتفعت بنسبة 18 بالمائة خلال الفترة من مارس/آذار إلى مايو/أيار 2006. وأكدت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن حكومة إقليم كردستان، حدوث 15 عملية قتل بأدوات غير حادة، و87 عملية قتل بإشعال النار، و16 عملية قتل بالرصاص، خلال الربع الأول من عام 2007. أما الربع الثاني من نفس العام فقد شهد ثمان حالات قتل بأدوات غير حادة، و108 عمليات إشعال نار، و21 عملية إطلاق رصاص.
كما وأفاد تقرير صادر في 26 نوفمبر/تشرين الثاني عن وزارة حقوق الإنسان بكردستان بأن عدد النساء اللواتي انتحرن بإشعال النار في أنفسهن ارتفع من 36 امرأة عام 2005 إلى 133 عام 2006، كما ارتفع عدد عمليات القتل التي تعرضت لها النساء من أربع عمليات عام 2005 إلى 17 عملية عام 2006.
وتعتبر جرائم الشرف، التي تنبع من الإيمان بأن شرف الأسرة أهم من أي شيء آخر، تقليداً قديماً في المجتمع الكردي في العراق وإيران وتركيا، بالإضافة إلى المناطق القبلية في باكستان وبعض المجتمعات العربية.

وقال التقرير السنوي الذي أصدرته دائرة رصد الأداء وحماية الحقوق في الوزارة عن واقع المرأة العراقية: "ان موقف قسم التخطيط والإحصاء في مجلس القضاء الأعلى يشير إلى وصول 10 قضايا فقط إلى الإحكام النهائية خلال العام الماضي، وهذا "يؤكد الحماية القانونية لمرتكبي جرائم غسل العار ضد النساء".

منظمات دولية أشارت في حملاتها إلى أن المرأة تقع ضحية ما يسمى (جرائم الشرف) التي يقوم فيها ذكور من أفراد الأسرة بقتل قريبات لهم بذريعة رد (شرف) الأسرة، وعادة ينجو مرتكبو هذه الأعمال من العقاب. منظمة العفو الدولية ذكرت ان معظم ضحايا (جرائم الشرف) من النساء والفتيات اللائي يعتبر أقاربهن الذكور وغيرهم أنهن جلبن العار لعائلاتهن بسبب سلوكهن غير الأخلاقي. وكثيراً ما تكون هذه الاتهامات لأسباب واهية ولا تعدو أن تكون مجرد شائعات. وفي كثير من الأحيان يُقدم على ارتكاب (جرائم الشرف) ذكور من أفراد العائلات التي تنتمي إليها الضحايا من النساء والفتيات، اعتقاداً منهم بأن مثل هذه الجرائم تسترد شرفهم وشرف عائلاتهم.

ذكر مصدر بأن الوزارة اعتمدت على إحصاءات جمعتها وزارة الداخلية، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على هذه الأرقام لأنها لا تعكس الواقع، لكن هذه الأرقام في الوقت نفسه تعتبر مؤشرا خطيرا لاستمرار تعرض المرأة لانتهاكات صارخة.

وكانت وزارة حقوق الإنسان قد طالبت في تقريرها بإجراء تعديلات على المادة 409 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969.
وتنص المادة 409 من قانون العقوبات العراقي: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته، أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا، او وجودها في فراش واحد مع شريكها، فقتلهما في الحال، او قتل احدهما، او اعتدى عليهما، او على احدهما، اعتداء افضى الى الموت، او الى عاهة مستديمة. ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر، ولا تطبق ضده أحكام الظروف المشددة."
بنما أكد القانوني طارق حرب على عدم وجود عيوب في قانون العقوبات، لكن المشكلة في اعتقاده تكمن في تطبيق القانون، وتساءل كيف يمكن معاقبة مرتكب جريمة قتل دون حصول المحكمة على كافة الأدلة، وغياب شهود، وحتى تنازل أفراد عائلة الضحية عن القضية!
يشار إلى أن من ضمن التوصيات التي أكدت عليها الوزارة في تقريرها: إعادة تأهيل المؤسسات القانونية والقضائية بما يتناسب والمبدأ الدستوري، الذي ينص على ان الجميع متساوون إمام القانون، وضرورة تعديل قوانين لها علاقة بالمساواة وعدم التمييز بسبب الجنس، ومبدأ ملائمة العقوبة مع الجرم المقترف، ومبدأ حماية الحق العام، وضرورة تعديل مفاهيم الشرف والزواج بما نصت عليه الشريعة الإسلامية.
دعوات لتشديد العقوبات على مرتكبي (جرائم الشرف) في العالم العربي
طالبت منظمة (Human Rights Watch) في الأردن بإصلاح قانون العقوبات وبتشديد أحكامه لوضع حد للتساهل مع مرتكبي (جرائم الشرف) في المملكة، وحقوقيون يرون أن إنشاء محاكم خاصة لمتابعة مثل هذه القضايا لا يمثل حلا كافيا.
هذا وقد كثفت منظمات حقوق الإنسان والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة من ضغوطهم على الأردن للتحرك لوضع حد لجرائم القتل التي ترتكب باسم ما يعرف (جرائم الشرف)، فقد حثت منظمة (Human Rights Watch) الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في تصريحات لها المملكة الأردنية على وضع قانون صارم للحد من هذه الجرائم. حيث يشهد الأردن سنويا ما بين 15 و25 جريمة قتل تصنف على أنها (جرائم شرف) حسب دراسة أجراها مركز تطوير المجمع المدني، والتي أشار فيها إلى أن عدد ضحايا هذه الجرائم خلال الربع الأول من العام الجاري وصل إلى 11 حالة.
تشير التقارير إلى أن المناطق الشائعة والتي يتركز عليها أنظار المراقبين عادة ما تلتفت إلى مناطق الأكراد والمناطق الفلسطينية في الضفة والقطاع والأردن والتي تحمل الصحف فيها تقارير عن جرائم شرف، وتعتبر عادة من أسوأ المناطق بالنسبة للمدافعين عن حقوق المرأة والإنسان لكن هناك مناطق لا يعلم الناس عن جرائم الشرف فيها بسبب التعتيم الإعلامي والرقابة ويشير الكاتب إلى مصر التي تزعم عدم وجود العادة إضافة لدول المشرق ـ سورية ولبنان ودول الخليج. وكانت جريمة الشرف قد حملت مع المهاجرين إلى دول أوروبا مثل ألمانيا وبريطانيا إضافة إلى روسيا وكندا.
لا تركز وسائل الإعلام والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان على جرائم الشرف في العراق ويبدوا أن السبب في ذلك هو وجود انتهاكات أخرى كثيرة في العراق جعلت تلك المنظمات والمؤسسات الإعلامية تغض النظر عن هذه الجرائم الفظيعة باستثناء إقليم كردستان الذي أخذ بعض الاهتمام الإعلامي في هذا الموضوع فان باقي المناطق في الوسط والجنوب لم تستأثر بالتركيز الإعلامي والذي يوزاي عدد الجرائم وفظاعتها.
حلول اجتماعية جذرية:
التوعية -  الاستقلال الاقتصادي للمرأة -  الإعلام -  تمدّن المجتمع وتحرره من منظومة قيمية تربط المرأة بالملكية الخاصة وأدوات الإنتاج - وتوجهه إلى منظومة قيمية متساوية تدعو لتحرر الإنسان الاقتصادي والفكري والتبعية لمؤسسات العبودية والقهر الاجتماعي.


الصفحة السابعة/ مِجهر المساواة/ السنة التاسعة/ العدد19 /20 شباط 2012

0 comments:

Post a Comment