جميع الحقوق محفوظة لصالح جريدة المساواة الرجاء ذكر المصدر عند اعادة النشر او الاقتباس

All rights reserved for Al Mousawat Journal Please mention the source when you republish or quote




Wednesday, March 21, 2012

استعباد العاملات الاوغنديات في العراق والمتاجرة بهن



فلاح علوان

في  20/12/12 تلقى اتحادنا مخاطبة من منظمة حرية المرأة بخصوص شكوى العاملة الاوغندية هيلين نالو مانس التي لجأت الى المنظمة بعد تعرضها للتحرش والاعتداء من قبل صاحب البيت الذي تعمل فيه؛ وتعرضها للاعتداء بالضرب من قبل الشرطة الذين لجأت البهم، ثم ايداعها التوقيف اربعة ايام دون ان تجد من تحاوره، كونها لا تجيد سوى لغتها المحلية واللغة الانكليزية.
بادر الاتحاد الى تقديم مذكرة رسمية الى وزارة العمل مصحوبا برسالة المنظمة وشكوى خطية من العاملة الضحية.
ان شكوى الفتاة الخطية وحديثها تضمن التالي:
1-    قيام مكتب باستقدام عمالة افريقية من الفتيات حصرا وتوقيعهن عقود باللغة العربية، لا يعرفن محتواها.
2-    قيام الشركة ببيع خدمات العاملات الى مكتب اخر في محافظة اخرى- الديوانية – ثم تشغيلها في اعمال الخدمة المنزلية.
3-    تصف العاملة اوضاعها بانها أسوا من العبودية، فالابواب موصدة ولا يحق لها الخروج او مغادرة المنزل، وجواز سفرها محتجز لدى اصحاب المنزل.  والحال تقدمت الفتاة بشكوى  ضد المكتب الذي استقدمها وصاحب المنزل الذي تحرش بها وافراد الشرطة الذين اوسعوها ضربا.

ان المتتبع لتفاصيل شكوى الفتاة يكتشف ان هذه المكاتب تمارس الاتجار بالبشر وبعقد شكلي وبتشغيل في المنازل بما يشبه العبودية بل واكثر، كما تصف العاملة هيلين.
ان عاملات الخدمة المنزلية المحتجزات في البيوت يتقاضين 300$ شهريا فقط ويتعرضن للتحرش الجنسي واحتجاز الجواز وهو نوع من الاحتجاز، والمنع من الاتصال بالموبايل خلال الاقامة. بالرغم من ماساتها وهربها دون تقاضي راتبها وتعرضها للاهانة ثم للسرقة في السجن، فانها تفكر بصديقاتها من العاملات في نفس العمل وبنفس الشروط وتقول ليس لدي وسيلة للاتصال بهن. انها تتحدث عن عشرات العاملات اللواتي تمت المتاجرة بهن وتحويلهن الى العمل العبودي في البيوت.
ان هيلين تريد القيام بتحرك جدي لانقاذهن او بتعبيرها – لهروبهن-؛ واصرارها على هذا التعبير، هذا يعني ببساطة انهن سجينات او اسيرات او محتجزات.

 هيلين مانس


سماسرة الاتجار بالبشر هؤلاء، يجب ان لا يمنعوا فقط بل ان يحاكموا علنا. ليس هذا فحسب بل ان السلطات التي تتهيأ لاصدار قانون عمل في العراق لا ترى ان القانون يجب ان يحمي العمال الوافدين للعمل، اي من غير اصحاب الجنسية العراقية، وليس هناك فقرات صريحة تدل على ان القانون هو مظلة لكل العاملين في العراق سواء من العراقيين او غير العراقيين، مقيمين او قادمين للعمل بصورة مؤقتة .... الخ. ان مسودة القانون توفر ضمانات وحمايات لارباب العمل اكثر مما توفر للعمال.
وبخصوص التعامل مع ضحايا العنف او الاعتداء، فان ما قامت به شرطة الديوانية هو امر "طبيعي" على ضوء ما هو سائد في العراق من غياب اطار قانوني لحماية العمال او المواطنين. فالضحية بلا مكانة ولا مال ولا واسطة – محسوبية- ولا اصحاب من مراكز النفوذ لذا تصبح مظلوميتها تحصيل حاصل، في حين ان من يشغل فتاة في الخدمة المنزلية فلا بد انه ميسور او متنفذ او من "العائلات" او " واصل" وبالتالي فرغم تحرشه فقد تم اعتقال الضحية واهانتها.
ان هذا السلوك ليس زلة او خطا عابر اطلاقا، انه يعكس منظومة اخلاقية قيمية تجد التعبير عنها في تحول المؤسسات الرسمية والتنفيذية الى ادوات للتسلط والاعتداء والظلم، انها قائمة على الاستقواء على الضحية او الضعيف ومعاقبته انتصارا للظالم.
وبالنسبة لشرطي فقير معدم فلربما يجد نفسه خارج العمل اذا دافع عن ضحية في وجه شخص " ذي نفوذ" او مسؤول او مالك .. الخ.من مكونات طبقة المستغلين البرجوازية.
هذا السلوك يعني انه ليس ثمة اطار لحماية الضحايا ولا لحماية البشر عموما من التعسف والاعتداء.. ان عاملة تمت المتاجرة بها وتشغيلها دون علمها واختيارها، وتوقيعها عقدا بلغة لاتفهمها، لا تجد قانونا يحميها، بل تجد مفرزة  من الشرطة توسعها ضربا وتستعرض القوة امامها، ان هذا المشهد الكريه يذكرنا بمشهد شرطة الكوت الممعن في القسوة والوحشية، عندما يقوم المحققون بالانتقام من ضحية ثأرت لاغتصابها من قبل شخص متنفذ.
ان وصول الظلم الى هذه الحدود المخيفة؛ يبني قناعات مسمومة لدى الناس بان السلطة هي هذي، وان الظلم هو مصير وواقع حال تقف وراءه مؤرسسات عملاقة، وان الضحية مستعبد ويعامل كمذنب، وهذا الافساد هو ارضية خصبة لادامة الفساد والظلم والاستعباد. الا ان وجود اداة بيد المستغلين والعمال لايصال صوتهم وتنظيم احتجاجهم هو ما يقف بوجه هذا الظلم والتعسف، وهو ما سيكون وسيلة لانهائه.
اننا ندعو الرفاق في النقابات الاوغندية لمتابعة قضايا الفتيات العاملات في العراق، ومتابعة مسألة تعويضات المتضررات مع الخارجية العراقية والحكومة العراقية.

الصفحة الثانية/ السنة التاسعة/ العدد20 /08 آذار 2012

0 comments:

Post a Comment