جميع الحقوق محفوظة لصالح جريدة المساواة الرجاء ذكر المصدر عند اعادة النشر او الاقتباس

All rights reserved for Al Mousawat Journal Please mention the source when you republish or quote




Friday, March 8, 2013

الفتيات الاكثر تفوقا


رحاب السامرائي
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية نشأت الحاجة لقوى نصف المجتمع النسائية للنهوض بمعدلات التنمية والتخلص من آثار الحرب المدمرة، وهكذا شمرت النساء عن سواعدهن وبنين أوطانهن من جديد، ومازلن يعملن باجتهاد ومثابرة لتصبح دول مثل ألمانيا واليابان من طليعة الدول المتقدمة تقنيا واجتماعيا.
وفي عالمنا العربي، وفي العراق تحديدا، بعد سلسلة الحروب والعقوبات الدولية نفتقد بالطبع إلى مؤشرات إحصائية واضحة لمعدلات تعليم المرأة ومشاركتها الفعلية في العمل والتنمية. ومع هذا النقص أعدت وحدة المعلومات المتخصصة في أوربا والشرق الأوسط وأفريقيا في الإكونومست تقريرا بعنوان "دفع عجلة النمو: دور المرأة في العلوم والتكنولوجيا في بلدان الشرق الأوسط العربية"، تحدث عنه في مؤتمر صحفي حضرته مؤخرا تريفور ماكفارلين كبير محرري الصحيفة مسلطاً الضوء على مدى أهمية تعزيز مساهمة المرأة في قطاعات العلوم والتكنولوجيا في بلدان الشرق الأوسط العربية، وكيفية تحسين طرق تنشئة وتعليم جيل من علماءالمستقبل في المنطقة، والسبل الكفيلة بجعل بيئة العمل خياراً أكثر جاذبية للمرأة.
أوضح هذا التقرير حقيقة أن عدد الإناث الحاصلات على درجات علمية أعلى بكثير من عدد النساء اللاتي يخضن مهناً في مجال العلوم والتكنولوجيا، وأن هذه المعضلة تشكل عائقاً كبيراً في طريق تحقيق اقتصاد معرفي لبلدان المنطقة. وأشار أيضاً إلى أن الفتيات يتفوقن على الفتيان في مجالي العلوم والرياضيات. ووفقاً لبيانات"دراسة التوجهات العالمية في الرياضيات والعلوم"، فإن فتيات الصف الثامن يسجلن درجات أفضل من الفتيان في اختبارات الرياضيات والعلوم في غالبية البلدان العربية في منطقة الشرق الأوسط.
وتتدرج التقرير إلى أنماط مماثلة لذلك في الجامعات العربية أيضاً، إذ تظهر أرقام اليونسكو أن 56٪ من عدد المسجلين في الجامعات في عام 2010 في فلسطين كانت من النساء، مقابل 47٪ قبل عقد من الزمان. ويظهر ذلك بوضوح أكبر في مجال العلوم، ففي المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، كانت نسبة 65٪ من المسجلين في جميع الدرجات العلمية في عام 2010 من النساء، مقابل 40٪ قبل عقد من الزمان.
ومن ناحية أخرى، فإن النساء يشكلن نسبة 1٪ فقط من الباحثين في المملكة العربية السعودية، و19٪ في فلسطين، و22٪ في ليبيا، في الوقت الذي تتوجه أعداد متزايدة من الشابات إلى دراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ولكن العديد منهن يخترن عدم مزاولة المهن في هذه الميادين.
أما معالجة هذه المعضلة فتكمن في حل المشاكل المتعددة التي تقف عائقاً أمام شق المسيرة المهنية في مجال العلوم، بما في ذلك التشريعات والسياسات التي تشكل نقطة عالقة واضحة أمام النساء العاملات، وتحقيق المساواة بين الجنسين في الحصول على فرص العمل، وتوفير إجازات أمومة للنساء وساعات عمل تتسم بالمرونة. لكن على النساء بالدرجة الأولى تحقيق المشاركة الفعلية في العمل للوصول نحو النمو المنشود، وإذا اجتمعت مشاركة النساء في التشغيل واستغلال فرص العمل إلى جانب الارتقاء بمستوى تعليمهن فيمكن حينذاك الحصول على طفل ذكي واحد في الأقل. لكن ما تحتاجه مجتمعاتنا العربية عموماً هو مجموعة من الطلاب اللامعين في كل المراحل الدراسية ومن ثم في حياتهم المستقبلية تحقيقا لتنمية أكبر وأشمل.
في قراءة ما بين السطور كما يذكر تريفور، ومع تأكيد نتائج التقرير على دور الإناث ومشاركتهن الفاعلة في التعليم بسبب تحدي الفتيات وإصرارهن على التفوق، يبقى حظ الذكور أكبر في الحصول على فرص العمل. ففي السعودية مثلا بلغت نسبة الطلبة في العام 2008، 59 % مقابل 73 % من الطالبات، لكن نسبة كبيرة من الطلبة لم ينهوا دراستهم وحصلوا على الوظائف أيضا في الشرطة والجيش بسبب إغراءات تلك الوظائف لما تقدمه من رواتب عالية مستقرة دون الحاجة لإكمال التعليم.كما أن معظم الذكور يحصلون على فرص لإكمال الدراسة في الخارج بدرجة تفوق فرص النساء بكثير. كما يلاحظ انخفاض نسبة النساء في حصولهن على دراسات عليا بعد الجامعة إذ تشكل هذه النسبة 29% فقط في السعودية للنساء الحاصلات على شهادة الماجستير أو الدكتوراه.
من ناحية أخرى تعتبر مشاركة النساء في دورات العلوم والرياضيات والتفوق الدراسي بشكل عام ايجابية جدا، لكنها تنطوي على مخاطر بالنسبة لعموم الوطن العربي، ذلك أن مشاركتهن في سوق العمل منخفضة جداً نسبة لمشاركة المرأة الأوربية. نتيجة لظروف اجتماعية من تقاليد بالية ضاغطة على المرأة باتجاه تركها العمل بعد الزواج أو عدم السماح لها بالعمل بعد التخرج أصلا. ومن هنا نحتاج لتقدم في هذا المجال وتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز دور المرأة في سوق العمل.





الصفحة الثانية/ السنة العاشرة/ العدد 23 /08 اذار 2013

0 comments:

Post a Comment