جميع الحقوق محفوظة لصالح جريدة المساواة الرجاء ذكر المصدر عند اعادة النشر او الاقتباس

All rights reserved for Al Mousawat Journal Please mention the source when you republish or quote




Wednesday, March 21, 2012

يوميات ناشطة نسوية/ العدد 20



دلال الربيعي

عرفتها منذ اكثر من خمسة أعوام عندما نلتقي في استلام الراتب التقاعدي كانت تأتي بدل والدتها (م.) في الخامسه والثلاثين من عمرها تخفي حزن وكآبه في عينيها العسليتين اصبحنا صديقتين وكانت تشكي من وضعها الاجتماعي ، تزوجت في سن صغير عند أول من طرق الباب طالبا يدها للزواج تركت الدراسه تصورت انه الحل المناسب لانقاذها من سطوة اخوتها الكبار ، وحسب ما تقول هربت الى الزواج ولقيت ما هو أتعس وأمر وجدت زوجأ لا حول له ولا قوه الآمر الناهي في البيت هي والدته ، الجميع يأتمرون بأمرها حتى انه يوجد تلفزيون واحد في البيت . وقيسوا هذه الأمور.
رزقت بطفله عمرها الان خمسة عشر عام اصبحت شابه الآن بعد ولادة طفلتي س. بدأت تتحجج بأن أطفالي  سيكونون كلهن أناث واجبرت زوجي على انجاب طفل ثاني ومن حسن حظي اني رزقت بطفل عمره الآن ثلاثة عشر سنه ، بدأت الحياة تضيق خناقها علي. كأنها تعاقبني لتركي اهلي والدراسه ولم اكن راضيه عن حياتي.
بعد عودة الحياة الى العراق. فكرت في استعادة حريتي ولو جزء منها لا مجال ولا محال بعد الآن ، في غضب صرخت بأعلى صوتي على أشد مشاجره مع ما أسميه زوجي طلبت الطلاق وكفى عبوديه انا انسانه ألا تفهمون كفى استغلال لم اتزوج للانجاب والخدمه. الجميع بهت من هذه الكلمات التي لم يكن احد يتوقعها ، حزمت حقيبتي وخرجت كما يقولون بالامثال (تركت الجمل بما حمل) وعند الباب وجدت الآمر (والدة طليقي) تنظر لي والشرر يتطاير من عينيها تفتش بالحقيبه خوفا من ان احمل مصوغاتي ( ضحكت لهذه الكلمه) اي مصوغات تتحدثين عنها يا خاله  ألم يكن ابنك قد باعها نسيت هذا ام اذكرك ما عاد لي شيء سوى سلسله صغيره تحمل اسماء طفليّ (س و س) وخاتم الزواج ، خلعت الخاتم وقلت لها خذيه لعل الاخرى ترضى به ، اما هذه اي السلسله انها هديه من والدتي وفيها أسماء اولادي، فلا تفكري بها.
تفاجأت والدتي عندما طرقت الباب وكنت اجهش بالبكاء ، اجلستني وهدأت من روعي وعند المساء كانت هناك جلسه للعائله طلبت من الجميع الجلوس والاستماع الى ما أقوله، سردت كل ما حدث لي من اول زواجي حتى تركي للبيت وان الطلاق هو حل لا بديل له.
لحظة صمت سادت الجميع ، قالت والدتي انت حره الآن وقد نضج عقلك وهذه حياتك الخاصه لكن ليكن في معلومك ان تكاليف عيشة انت واولادك مكلفه يجب ان تعرفي هذا ، ما هو الا اسبوع انقضى وورقة الطلاق وصلتني تنازلت عن كل شيء حتى عن اطفالي مقابل حريتي وكرامتي.
رغم الالم والجراحات كانت حريتي هي الاجمل ، استوعبت الامر وفكرت مليا وقررت ان اكمل دراستي عن طريق الامتحان الخارجي بحثت عن عمل وكنت سعيده باستلام اول راتب لي ، اولادي كنت ازورهم في المدرسه احمل لهم الهدايا وازودهم بالمصروف كنت المتنفس الوحيد لديهم.
قبل اكثر من سنه تعرفت على احد الموظفين كان في العقد الخامس من عمره مثقف انيق هاديء بدأ حديثنا من خلال النظرات وفي احد الايام تحدث الي مباشرة وطلب مني ان البي دعوة الغداء شعرت اثناء الكلام بأني ما زلت انثى واحمل مشاعر انسانيه .
كنت معه احاول ان لا انظر الى من حولي لعل احد يعرفني كنت مرعوبه وفرحانه في داخلي ونسيت الامي وعذابي ( تسعة سنوات مع طليقي) طلب مني الزواج بكل جرأه وهو يعرف كل شيء عني حتى اصغر دقائق اموري حدثني عن حياته ولديه ولدين يقيمان خارج العراق، ويرغب بالزواج لحاجته الى الاستقرار في العراق. لكن لديه شرط ان يكون الزواج خارج المحكمه وان لا ننجب اطفال الى حين استقراره في الوظيفه ، اقنعني بطريقة واخرى ، رضيت بالامر في البدايه.
بدأت اسرق لحظات سعيده من عمري وحياتي كان يوفر لي كل ما احتاجه كانت والدتي تسأل من أين هذه المواد وأخفي الامر بأني اشتريها بالاقساط ، عشت معه سنه ونصف من اجمل ايام حياتي عادت بسمتي وكان بالنسبه لي سر جميل كنت اخاف ان يعرفه احد خوفا من سرقته.
سنه ونصف كان فيها طفلي المدلل وكنت لعبته التي لا يمل منها، في احد الايام طلب مني الحضور الى البيت قدم لي هديه لم اكن اتوقعها مع مبلغ من المال استغربت لهذا الامر ماذا يحدث حياتنا مستقره والامور تعودنا عليها وراضيين بها ، اجاب وهو مطرق الرأس عشت معك اجمل ايام حياتي كنت الزوجه والحبيبه والصديقه، وأني جد آسف على قراري هذا قد طلقتك خارج المحكمه مثلما تزوجنا وانهيت جميع اموري وبعت داري هذا سألتحق بزوجتي واولادي ...
هل انا رخيصه لهذا الحد؟ هل انا غبيه لهذا الحد؟
صعقت لهذه الكلمات وتسمرت في مكاني حتى دموعي لم تنهمر توقفت الحياة لدي ، خرجت مطأطئة الرأس ، لا اعرف اين اتجه وماذا اقول؟
انهارت كل آمالي واحلامي الف سؤال وسؤال سألت نفسي لكن لا جواب اسبوع لم اذهب الى عملي الجميع يسأل عن التغيير المفاجيء ، حلم استفقت منه تذكرتك وتذكرت نساءمثلي وقلت الحياة لا تتوقف عند حد معين ، لدي حياتي وأولادي واهلي وناسي وعملي سأغلق هذا الملف مثلما اغلقت ملف التسع سنوات .
الحياة امامي بكل ما تحمله من معاني ، لأجعل من هذا الملف حافز لاكمل دراستي وسأحمل ذكريات (ـه) معي وكلماته الرقيقه ( سأكون الى جانبك في كل خطوة حتى لو كنت بعيدا عنك ) انا موجود لا تترددي في طلب المساعده ، نحن الاثنان سرقنا من عمرنا لحظات لا تنسى.
لم اتفوه بكلمه واحده ، لشجاعتها في التحمل والصبر لتحقيق ذاتها تركتها لتستلم راتب والدتها وقلت لها سنلتقي بعد شهرين اتمنى أن تكوني بأفضل حال مع السلامه.
الصفحة الثانية/ العدد20 /08 آذار 2012

0 comments:

Post a Comment