البصرة - كريم جميل
تقف علياء حسين قاسم مرتدية زيها العسكري كضابط مرور، في أكثر تقاطعات البصرة ازدحاما، وسط ذهول كثير من العابرين الذين يشاهدون للمرة الأولى امرأة، تتولى هذه المهمة في مدينة محافظة إلى حد التشدد.
وتتعرض علياء، (28 عاما) التي ترتدي حجابا كحلي اللون وتنورة تغطي كامل الساقين، للسخرية من بعض السائقين، فيما يشجعها آخرون غالبيتهم من النساء.
وتقول علياء : "احببت النظام منذ صغري وخدمة الناس، ورأيت ان ذلك يكون من خلال الانتماء إلى هذا السلك".
وتضيف الفتاة التي تضع نظارتين، وباشرت عملها قبل شهر واحد "احب التحدي والقيام باعمال الرجال... لدي طموح ان اكون كفوءة اكثر منهم".
وتضيف علياء، التي لا تزال عزباء، والتي تحمل شهادة جامعية في القانون وتتحدر من منطقة الحيّانية اهم معاقل جيش المهدي في شمال البصرة: " كنت اصغي لوالدي عندما كان يتحدث عن العسكر، واشعر بما يجذبني إلى الملابس العسكرية، والانتماء إلى سلك الداخلية".
وعلياء الفخورة ببزتها العسكرية، هي الوحيدة في محافظة البصرة من أصل 83 ضابطا من الإناث، انهين دورة تدريبية في العراق استمرت 9 شهور.
وتوضح علياء: "لم تكن هذه الفرصة متاحة ابان النظام البائد، لكني الان مسرورة بهذا العمل، وخصوصا انني اول ضابط أنثى في محافظة البصرة".
وتتابع " لقيت كثيرا من التشجيع من الأهل، وخصوصا والدي الذي كان ينتظر تخرجي بفارغ الصبر.. واطلب من زملائي الادنى مني رتبة تطبيق القوانين، وألمس التشجيع في الشارع من النساء، اكثر من الرجال".
تتعرض علياء لمضايقات من بعض السائقين، لكنها مصممة على الاستمرار. وتؤكد بهذا الصدد "اسمع كلاما غير لائق من بعض المارة والسائقين، لكنها البداية واعتقد انهم سيعتادون على هذا الامر، وتصبح المسألة عادية... أريد ان اثبت لهم انني على قدر المسؤولية".
وتواصل "شجعني والدي كثيرا ونزلت إلى الشارع بهذه الثقة... بعض صديقاتي في المنطقة تقبلن الفكرة، لكن غيرهن يرفضنها ويتوقعن فشلي في عملي، لكنني يوما بعد يوم اثبت نجاحي".
وتشير علياء إلى أنها منذ تسلمها مهمتها "عاقبت بعض سائقي السيارات لمخالفاتهم قواعد المرور، كما تسامحت مع اخرين، لكني اشعر بالاسف لانهم كرروا الاخطاء نفسها".
وتتلقى الفتاة تشجيعا من زملائها الضباط، الذين يقدمون لها نصائح وارشادات. وتروي بهذا الشان " الكل في المديرية يحترمني، والبعض يتعامل معي وفق الواجب العسكري فينادونني (سيدي)، كما ان الادنى رتبة يؤدي لي التحية".
آراء مختلفة:
تختلف الاراء حول هذه التجربة في البصرة، حيث يعتبرها بعضهم حالة حضارية، وحقا من حقوق المرأة، في حين يقول آخرون انها لا تتفق مع التقاليد في هذه المدينة.
العقيد رياض جاسم العيداني؛ مدير اعلام شرطة المرور، يرى أنها "مسألة حضارية ونتمنى ان يكون العراق في مصاف دول الغرب، خصوصا من ناحية دخول العنصر النسائي في وزارتي الداخلية والدفاع".
ويوضح أن "هذا المجال يمنح المرأة قوة وهذا بحد ذاته تحد... ابارك لعلياء عملها وكثير من الناس يشجعونها، فهي تؤدي واجبها اكثر من الرجل".
وتعرب إسراء محمد احمد (32 عاما)، والتي تعمل مدرسة عن اعتقادها بأن "ابسط حق من حقوق المرأة هو ان تشارك الرجل في كل شيء، واصفة علياء بأنها جريئة واتمنى رؤية نساء في الجيش والشرطة... نحن بلد حضاري، هذه هي الديمقراطية بعينها ان تكون مشاركة المرأه فعالة في كافة المجالات. هذه المرأة ستكون نموذجا تقتدي به نساء البصرة".
لكن علاء اسماعيل كاظم (45 عاما) يرى رأيا مخالفا، لأن " اعرافنا وتقاليدنا لا تسمح بأن تتولى المرأة بهذا العمل".
كما يعبر موظف حكومي عن اعتقاده بأن "هذا العمل محصور بالرجل. لا اعتقد انها تستطيع فرض سيطرتها في هذا المجال. فالمرأة لا تستطيع ان تنهي وتأمر في الشارع، فهي اما مدرسة او موظفة؛ لكن ليس شرطي مرور"
الصفحة السادسة/ إبداعهن/ السنة التاسعة/ العدد19 /20 شباط 2012
0 comments:
Post a Comment