حاورتها: فاتن الجابري/ ألمانيا
تجربتها مميزة كرسامة وإعلامية لامعة ..أثبتت حضورها اللافت وشخصيتها الرصينة ،التي لامست هموم الناس والمرأة بشكل خاص بطرحها قضايا ومشاكل المرأة ومعاناتها ،وتسليط الأضواء على تلك المعاناة ،كما برعت ريشتها في تكريس مواضيعها على الذات الأنثوية بأسلوبها التعبيري الحديث ،نسائها حالمات بغد جميل وفضاء أوسع بعيدا عن العنف والاضطهاد ..تواصل حلمها بالاستقرار الذي لا يتحقق سوى ببيت في حضن العراق .
تجربة برنامج لعبة الحياة علامة مميزة في مسيرتك الإعلامية تآلف الجمهور مع إطلالتك الجميلة ورقي وأهمية المواضيع التي تطرحيها في البرنامج لأنها تعبر عن هموم المرأة والمجتمع العراقي ؟
*هموم المرأة العراقية والرجل في المجتمع لا تنتهي، وبزحمة البرامج السياسية على الفضائيات وتكالب السياسيين على الكراسي أبعد المشاهد وخاصة المرأة عن همومهم و مشاكلهم الإنسانية والحياتية فكان برنامج لعبة الحياة الفضاء الذي تنطلق فيه المرأة للبوح بآلامها وظلمها و لتطالب بحقوقها ولتعبر عن رأيها و تصرح حتى بقراراتها ومن هنا كان برنامج لعبة الحياة نافذة قريبة من كل فئات المجتمع وخاصة المرأة العراقية. وما أتمناه أن تعطى مساحة أكبر لقضايا المرأة والمجتمع في الإعلام العراقي.
ما مدى تأثير دراستك الإرشاد الاجتماعي والغوص في تفاصيل السلوك الاجتماعي على اختيارك لمواضيعك ولوحاتك ؟
*فعلا كان لتأثير التخصص في الإرشاد الاجتماعي متبلور في تفاصيل حياتي واختياراتي لأني درست هذا التخصص باختياري وإرادتي لأني كنت ولا زلت أهتم بجوانب الإنسان العميقة والخفية والتي تتحكم بالسلوك و الانفعال والاختيار و التفكير ،ومن جانب آخر تأثير المجتمع على الإنسان و على سبيل المثال إن الجانب الاجتماعي لا يحمل قانون لو أخذ به الإنسان يحقق السعادة في العلاقات الاجتماعية وهذا ما يجعل كل تجربة إنسانية تحمل قوانينها الخاصة بالخبرات المترتبة عليها ولذلك لا ينتهي الإرشاد في الجانب الاجتماعي ومهما كبر الإنسان يبقى في حاجة للتوجيه والعون لاجتياز تجارب وأحداث الحياة... فقضايا المرأة والرجل كانت المحور الأوسع الذي تناولته في مواضعي للبرنامج حيث لا ينتهي الصراع بين آدم وحواء رغم إنه لا يمكنهما العيش بدون الآخر.
كيف تجمعين بين الفن والإعلام وأيهما خدم الآخر ؟
*خيار الإعلام كان صدفة قادتني لتقديم البرامج والفن كان منحة القدر.. العمل في الإعلام له أدواته كما للفن أدواته ولكل منهما جمهور ومتلقي .. الفنان يحتاج للإعلام ليتعرف على إبداعه جمهور واسع وكبير وهنا كان للإعلام دور مهم وكبير في انتشار أعمالي الفنية والتعرف على جانبي الآخر كرسامة فالإعلام من ناحية خدم الفن ومن ناحية أخرى الإعلامي يحتاج لضيوف في برامجه فالفنان و فنه والفن عموما لا يمكن للإعلام من صحف ومجلات وتلفزيون و إذاعة الاستغناء عنها. كما إن الفن جزء أساسي في الإعلام والتلفزيون و الفن هو الفضاء الذي يضم الديكور الخاص لكل برنامج والديكور فن جميل حيث متعة اللون وقد أضفته بلوحاتي داخل الأستوديو الخاص لبرنامجي بتعاقب سنين البرنامج إذن لكل من الإعلام والفن ترابط وتكامل.
بعد سنوات الاغتراب في القاهرة ومن ثم سفرك إلى الولايات المتحدة كيف وجدت غربة الفنان والمبدع العراق خارج مناخه الطبيعي وهو الوطن ؟
*القاهرة نجمة ساطعة في حياتي أربع سنوات حققت من خلالها ما كنت أحلم به أو ما تخيلته في يوم ما، قابلت واستضفت في برنامجي الكثير من الشخصيات التي كنا نقرأ كتبهم ،رواياتهم ،مقالاتهم أو نشاهدهم عبر التلفزيون فالقاهرة كانت الأفق الأوسع في حياتي.. والقاهرة مناخ إيجابي للمثقف والفنان وكان هناك الكثير من المبدعات العراقيات وكنت سعيدة في تغطية نشاطاتهم الإبداعية. أما هنا في الولايات المتحدة فالمساحة كبيرة حيث هي قارة تحتاج لجود كبيرة حتى يستطيع الإنسان أن يحقق وجوده وحضوره ولكل شيء وقت يجعل للمجتهد مكان مميز في مكانه. وما يخفف عني وجود التواصل الالكتروني في عصر السرعة من فضائيات وانترنيت و أجملهم الفيسبوك الذي أتاح لي فرصة التعرف بك أستاذة فاتن فالتكنولوجيا قاربتنا رغم المسافة و جعلت الفنان والمبدع المغترب يتواصل مع الوطن بسهولة وسرعة إذن فقط المكان هو الذي يسبب الوحشة ومشاعر البعد.
كيف نمت بذرة موهبتك الأولى في الرسم ومن رعى تلك الموهبة؟
*معرفتي بالرسم ككل الأطفال كنت أحب الألوان والرسم لكن سرعان ما تحول الرسم عندي لحالة من التفريغ والتعبير عن تمردي وصراعي في مرحلة المراهقة فكان للون تأثير كبير على مزاجي فانطلق من خلاله نحو عوالم تحقق لي الاستقرار النفسي وكان للعائلة وخاصة والدتي الجانب الكبير في رعاية موهبتي بتشجيعي وتقدير ما أرسمه بالإضافة للإرادة و الإصرار اللذان ساعداني في إنجاز لوحات ولوحات.
المرأة العراقية رغم كل معاناتها وانعكاس ظواهر المجتمع السلبية عليها لكنها أثبتت حضورها في كافة ميادين الحياة والإبداع كيف تقيمين واقع المرأة وتجاربها ؟
*سؤال صعب يتطلب مني الصراحة دون مجاملة للقراء. فرغم محاولات المرأة العراقية من إثبات حضورها كما ذكرتي في كل المجالات فالنساء المتميزات قلة محدودة ومجتمعنا العراقي اليوم يحتاج إلى المزيد والمزيد من النساء المتميزات، خاصة إن المرأة العراقية متميزة بكثير من الصفات الإيجابية والخلاقة ولها القدرة على النجاح وتحمل الصعاب فهي جديرة بأن تعطى الثقة لإدوار حقيقية لإثبات وجودها ورفع صوتها، فلازالت تناضل وتحاول أن تكون الأجدر رغم القمع والتهميش في الواقع اليوم لا زال الطريق طويل في صراعها مع المجتمع الذي يسيطر عليه الرجل الذي يخشى المرأة الناجحة.
الواقع مرير فالحروب أنهكت المرأة العراقية وعدم الأمان نأى بالمرأة بعيدا ،و السياسي حجب المرأة عن ساحة القرار والحضور الحقيقي وهذا واضح على كل المجتمع العراقي فدلالات كثيرا واضحة منها انتشار الأمية بين النساء، زيادة أعداد الأرامل اللواتي لا يمتلكن معيل هذان المثلان وحدهما يحتاجان إلى وعي كبير وجهود حقيقية لإدراك خطورة هذه الظواهر السلبية حتى يكون في الاستطاعة تغير هذا الواقع وعلى كل المؤسسات أن تشترك في بلورة فكرة النهوض بالمرأة والمجتمع.
لا يمكن أن تستمر الحياة لولا أحلامنا بماذا تحلمين الآن وكيف تخططين للأيام القادمة؟
*أحلامي كثيرة وملونة كنساء لوحاتي الحالمات لكل منهن حلم لا ينتهي، وحلمي اليوم هو الاستقرار والاستقرار لا يمكن أن يكون إلا ببيت وهذا البيت لا يتحقق إلا في العراق فهذا حلم لا يحتاج التخطيط ، لذلك أتمنى من كل قلبي أن يستقر العراق ويزدهر بأهله وأحلم للمرأة العراقية في مكانة القمة بين نساء العالم في النجاح والتميز الذي تستحقه.
هل تتابعين إبداعات الأديبات والفنانات العراقيات وحتما هناك أسماء استأثرت باهتمامك ؟
*تشغلني المرأة العراقية بكل تفاصيلها فكيف بالمبدعة العراقية فانا متابعة جيدة لكل إبداع جديد لها إذا كان معرض ,ديوان أو رواية و مسرحية وهذا ما استقطبته في برنامجي من تركيز على أخبار المرأة المبدعة ورصد التقارير الخاصة بنشاطاتها الإبداعية وما لفتني من أسماء لمبدعات عراقيات متميزات هي الشاعرة (وفاء عبد الرزاق) الحائزة على جائزة عن ديوانها من مذكرات طفل الحرب وكانت ضيفة في برنامجي متميزة بشخصية ذكية ورائعة تفيض حبا للوطن وتزرع كلماتها أينما حلت مفتخرة كونها ابنة العراق.
لك عدة معارض فنية داخل وخارج العراق كيف تؤثر أقامة المعارض في رقي منتج الفنان بالاستماع إلى آراء الجمهور والنقاد ومتى تقيمين معرضك القادم ؟
*كل معرض هو نتاج خبرة جديدة بمثابة ديوان، بمثابة أطروحة دكتوراه وتواصل الفنان مع المتلقي هو الوجه الإيجابي والمعارض هي تسجيل إبداعي وبصمة لتاريخه الفني و لان الاستمرار والحضور في ساحة الفن هو تحقيق لوجود الفنان بالإضافة إلى إن المعارض خارج العراق توسع قنوات المشاهدين بإضافة جانب إدراكي جميل بين الفنان والمشاهد وحتى الناقد يزيد ويضيف للفنان عكس الانغلاق في عالم واحد لجمهور مكرر وناقد مجامل.
لازلت مستمرة بالرسم لمجموعة من اللوحات أجهزها إن شاء الله لمعرض للعام القادم.
هل تجدين الغربة والبعد عن الوطن أجواء لشحذ عاطفة الفنان والأديب وتحثه لمواصلة الإبداع ؟
*هذا سؤال مهم ويجهل إجابته من لم يتغرب عن الوطن خاصة إن الرأي المأخوذ عن المغتربين هو رأي سلبي... لذلك أحب أن أوضح الكثير عن معنى الغربة بالنسبة لي .. فالغربة هي فضاء آخر مكمل لفضاء الوطن فالغربة تحمل كل الإيجابيات والسلبيات وهي تحمل مجموعة من المشاعر المركبة والتي تتضمن أولها صراع الإنسان نحو الحنين بالرجوع إلى الماضي والأرض التي ولد فيها وصراع الإنسان من أجل البقاء والتواصل والانفتاح على كل ما هو جديد وهذا ما يؤدي إلى تكاثف العواطف المشحونة بالانفعالات الايجابية نحو إيجاد الذات ومن ثم البرهنة على هذه الذات فيرسل الفنان أو الأديب شحناته للوطن من خلال الإبداع عن طريق رسم لوحة أو كتابة قصيدة.
ثيمة مشتركة بين لوحاتك رسم المرأة بحضورها الإنساني كيف تعبرين عنها من خلال الألوان ؟
*المرأة هي الثيمة الأساسية و المترسخة والمسيطرة في لوحاتي فالمرأة بالإضافة لكوني امرأة، تعني بالنسبة لي رمز الوطن والأرض والحياة ومن خلال المرأة أستطيع أن أعبر عن أحداث الحياة بكل جوانبها المؤلمة والسعيدة واللون يشكل عندي تكامل اللوحة بالفكرة والرمز والمشاعر والشكل فاللون المتفائل في لوحاتي يعني لي الأمل الذي يزين المرأة رغم كل ما تعانيه من قسوة المجتمع والحياة.
ما هي الأساليب الفنية التي تتبعيها في الرسم وبمن تأثرت الفنانة رؤى البازركان ؟
*من الممكن أن تصنف لوحاتي على إنها تنتمي للحلم المعاصر و للتعبيرية الحديثة بكل تفاصيلها من ناحية الشكل واللون ، وأنا من اللواتي لا يقلدن لي بصمة تخص لوحاتي وكان هذا واضح من أول اللوحات التي رسمتها. أما التأثيرات كثيرة وغير محددة خاصة إنني متأثرة بأعماق الإنسان وتعابيره المرسومة على حركات الوجه، لم يتحدد توجهي نحو أسم معين لفنان لكن تؤثر بي اللوحة بموضوعها ولونها أو أسلوبها قد تكون لفنان مغمور فالأعمال هي التي ترافق إدراكي و تستحوذ على تأثيري.
أضواء الشهرة وعالمها الذي أمضت فيه الإعلامية والفنانة رؤى البازركان عدد من السنوات كيف تحيا الآن بعيدا عن عالمها وجمهورها ؟
*أحيا بالأمل والتفاؤل لأني في حالة اكتشاف جديد وربما خلق جديد ... أعيد ترتيب الألوان وأحرك الفرشاة لابتكار لوحات نسائي الحالمات بأحلامهن الجديدة وأفكارهن الملونة بذكريات الماضي وآمال المستقبل وسأكون قريبة من جمهوري بألواني المتفائلة
لاشيء يتوقف و الحياة تنبض أينما كنا وتدور الأيام لتلتقي الوجوه من جديد.
الصفحة السادسة/ إبداعهن/ السنة التاسعة/ العدد19 /20 شباط 2012
0 comments:
Post a Comment