الديوانية – المنارة ــ منتصر الطائي
ذوو البشرة السمراء في العراق ومعاناة التمييز العرقي.. واقع لا يمكن تجاهله..
ذوو البشرة السمراء في العراق (مواطنون) من الدرجة الثانية !!
رغم دخول العالم الألفية الثالثة وطوي أشواط طويلة من عمر البشرية،و كفاح الشعوب المريرة من اجل القضاء على التمييز العنصري بين الناس إلا إن الكثير من العراقيين ما زالوا يحسون في دواخلهم بان صاحب البشرة السمراء مواطن من الدرجة الثانية..
ويعد المختصون في هذا الشأن "إن معاناة ذوي البشرة السمراء ليست وليدة مرحلة عراقية بزمانها ومكانها بل هي امتداد طبيعي لمعاناة ذوي البشرة السمراء في مختلف مدن العالم ضاربة بعمقها التاريخي إلى عشرات القرون وربما أكثر حين كان التقسيم الطبقي على أساس الأحرار والعبيد وهم من السود دائما". وقال (سليم جواد/ ناشط في حقوق الإنسان) "إن التصنيف الطبقي ما زال موجودا في العراق رغم وعي الفرد العراقي وانفتاحه على تعاليم الدين السمحاء وبنود ووثائق حقوق الإنسان". لكنه أشار إلى "ان هذا التمييز وان وجد إلا انه ضئيل جدا وبنسب متفاوتة ". وأوضح (حسين العسلاوي/ الكاتب السياسي) "ان معاناة ذوي البشرة السمراء او السوداء او كما يسميهم البعض (العبيد – بكسر العين) في العراق، أدت إلى تأسيس حركة تعنى بحقوقهم اسموها (حركة العراقيين الحرة) ومقرها في البصرة". وبيّن العسلاوي "ان هذه الحركة هي اول تجمع يعنى بحقوق شريحة ذوي البشرة السمراء في العراق، حيث يتوزعون في مناطق مختلف من العراق الا انهم يتركزون بصورة كبيرة في مدينة البصرة وتحديدا عند مناطق الزبير وابي الخصيب والفاو ومناطق أخرى".
ويذكر (سامي وداعة/ احد أصحاب البشرة السمراء) "أني كرجل اشعر بالاهانة وربما الطرد والتنكيل بي اذ ما فكرت بالتقديم لخطبة أي فتاة بيضاء البشرة، وذلك لبشرتي السوداء". واكد وداعة "نحن السمر او السود نعاني من نظرة استعلاء وانتقاص يقف وراؤها البيض، فهم يعتبرونني (انسانا) من الدرجة الثانية خلقت لأكون في خدمته، لكن تطور الحضارات ومواثيق حقوق الانسان وغيرها هي التي وقفت كحجر عثرة في طريق استخدامنا كعبيد تحت أيديهم". وكشف وداعة عن قصة مؤلمة كان بطله أخيه وهو طالب جامعي ويعمل في احد المحال التجارية، حيث فكر بالارتباط بطالبة جامعية بادلته الاحاسيس والمشاعر، فجوبه بطرد ونهر من قبل ذويها، حيث قالوا له بالحرف الواحد (نحن لا نزوج من خلقوا عبيدا يعملون تحت خدمتنا". وقال الدكتور (علي صعب/ باحث في مجال علم النفس) "انه من المؤكد ان يعاني الفرد العراقي صاحب البشرة السوداء من أمراض نفسية ناتجة عن صراعات داخلية بين رغبة ملحة بالحياة والعيش شأنه شأن بقية أصحاب البشرة البيضاء، يتمتع بكافة الحقوق المتاحة للبيض، وبين صدمة احتقاره ومحاولات الانتقاص منه التي يكون وراؤها أصحاب البشرة البيضاء، مما يجعل هذا الفرد إنسانا مريضا نفسيا وربما تقوده الضغوط مع توفر أجواء البيئة الحضانة ومحفزات الثأر لنفسه وأبناء جنسه، فيعزم على الانتقام لنفسه وربما يتورط بالإجرام". وقد أعلن أمين عام حركة العراقيين الحرة عبد الحسين عبد الرزاق عن دخول حركته المعترك السياسي على أمل الخوض في الانتخابات المقبلة، "لرفع الاضطهاد الذي تعاني منه شريحة السود في العراق" حسب تعبيره. وطالب بضرورة أن "يشرع البرلمان قوانين تكافح التمييز العنصري وتعاقب على إلصاق واقعة العبودية بالإنسان الأسود"، وأضاف "كما نطالب بالاعتذار الى السود عن جرائم استرقاقهم عبر التاريخ وتضمين المناهج الدراسية المختلفة ما يفند المزاعم والأفكار التي مثلت فلسفة استعباد الإنسان لأخيه الإنسان". وأكد على ان الحركة أسست للكشف عن مظلومية اصحاب البشرة السمراء ورفع الحيف عنهم واسترداد حقوقهم، " ان السود في جنوب العراق يتعرضون الى الاضطهاد، بسبب لونهم الاسود ونطالب بإنصافهم، باعتبارهم شريحة واسعة ومهمة من الشعب العراقي، ولهم اسهامات كبيرة في مجمل حركة المجتمع". وقال أن "ذوي البشرة السوداء، لم يتسلموا مناصب مهمة في الدولة العراقية منذ تأسيسها، بسبب التمييز، وعدم الإنصاف". ولفت النظر الى "اننا ضحية الافكار الرجعية المتخلفة والأساطير القديمة التي استغلت بشرتنا السوداء التي بسببها أصبحنا بنظرل المتخلفين كالعبيد".
وتؤكد بعض العناصر المطلعة " ان السود في العراق بلغ تعدادهم في عموم العراق مليون ونصف المليون نسمة". واشار الباحث الموسوعي (عبد الكاظم البديري/ باحث ومؤرخ ومؤرشف) الى "بروز عدد من المثقفين والرياضيين من ذوي البشرة السمراء في العراق ومن البصرة تحديدا منهم في المسرح والشعر والرياضة، وبذلك هم لا يختلفون عن بقية اقرانهم من ذوي البشرة البيضاء لا في التفكير ولا في مستويات الذكاء". مؤكدا على "ان اهم المحطات التاريخية لذوي البشرة السمراء في البصرة هي ثورة الزنج التي حدثت في القرن الرابع الهجري، وحاربت الدولة العباسية بقيادة علي بن محمد لأكثر من 15 عاما، وأسست دولتها في منطقة المختارة جنوب ابي الخصيب، التي لم تزل بعض آثارها حاضرة في البصرة". وقال الباحث في علم الاجتماع الأستاذ عارف عبد الله "ان أي مجتمع يتعامل مع مواطنيه وأبناء جلدته وفق معايير اللون فأنه مجتمع مريض ويحتاج الى ثقافة عالية لاستئصال مرضه". وأكد عبد الله على "ضرورة ان تتضافر جميع جهود المرجعيات الدينية ومنظمات المجتمع المدني والشعراء والفنانين والساسة لتثقيف المواطن العراقي بأهمية هذه الطبقة الاجتماعية الكبيرة والتحذير من مخلفات تهميشها واعتبارها من الدرجة الثانية". وفي الوقت الذي قال (علي رياض/ تاجر) انه "من المستحيل ان يزوج بنته من رجل اسود"، فان في الوقت ذاته أوضح (حسين القريشي/ كاسب) "عدم ممانعته الشخصية من تزويج ابنته من السود الا ان واقع المجتمع العراقي لا يمنحه هذه الفرصة ويعيب عليه ذلك". مضيفا "انه لا يتسنى له مخالفة العرف العام او الخروج عن عاداته وتقاليد لان الانسان ابن بيئته وهو مدني بالطبع لا يمكنه التنصل عن ابناء جلدته". مؤكدا "على وجود بعض الزيجات التي جمعت أصحاب البشرة السوداء والبيض لكنها ضئيلة جدا".
0 comments:
Post a Comment