احلام ألعبيدي
صابرين ..فتاة شابة جميلة حكم عليها القدر أن تعيش في مجتمع تسوده عقلية همجية متمثلة بالعشائرية، كانت تحلم ان تكمل تعليمها وان تختار بنفسها الرجل الذي يستحقها كي تعيش معه حياة ملؤها الحب والتفاهم كانت تحلم دائما بهذا الحلم الوردي الذي ظل يداعب مخيلتها وينعكس في بريق عينيها المتلألئتين وابتسامة شفتيها حين تتأمل البعيد ولطالما كانت تقف أمام مرآتها وتتخيل نفسها بثوب الزفاف والى جانبها فارس أحلامها المجهول. كم تمنت ان تغفوا يوما يدها بين يدي حبيبها، هكذا كانت صابرين تعيش مع حلمها البريء الدفن في أعماق ذاتها الإنسانية وسط مجتمع مرعب لا يعرف سوى التسلط والعبودية والتجبر والقسوة وقتل كل الأحلام وهي في مهدها.. كانت تكن لحبيبها المجهول خبآ تخفيه بين جوانحها.. حب كله لهفة للقاء من تحب، وهكذا تواصلت حلمها الوردي وفي لحضه غفوتها مع هذا الحلم ..أذا بصرخات وسياط الجلادين توقظها من غفوتها ويثقل حلمها الوردي، ولقد أقرت لقد أقرت العائلة المتجبرة الظالمة زوجا لها وهو ابن عمها الذي خصصت له منذ اليوم الأول لولادتها، وهكذا صعقت صابرين صعقة اشد من قوة الصعقات الكهربائية، قتلت أحلامها واغتيلت مشاعرها . الكل تناسى أن صابرين هي إنسانة لها مشاعر شأنها شأن أي إنسان لم تكن قادرة على البوح بسرها الذي طالما كتمته داخل قلبها ومشاعرها الشفافة .. انهمرت دموعها وتحطمت نفسيتها وانهارت العائلة التي تنتمي إلى عشيرة لا تعرف سوى كلمة "عيب يا امرأة" كانت تتمنى إن تصرخ بكل تلك الوجوه القاسية الشيطانية المستبدة الظالمة والحاقدة على المرأة وتقول لهم لا..لا تقتلوا طموحي وحريتي وتحطموا مشاعري وأمنياتي وأحلامي الوردية، تملكها الخوف من مواجهة الحقيقة فاستسلمت للأمر الواقع وتزوجت من ابن عمها قسرا وليس اختيارا، وهكذا حققت صابرين مطلب العائلة والعشيرة وتناست ننفسها ومشاعرها التي طالما خبأتها دفينة في أعماقها لمستقبل مجهول ، وزفت إلى ابن عمها وكأنها قد زفت للمنية والموت المحقق زفت إليه بدون حب ولا مشاعر ولا لهفة حقيقة، لقد قتلت دور العروسة بفستانها الأبيض .. مرت الأيام واستمرت صابرين في دراستها في معهد أعداد المعلمات وبعد و بعد أن مضت سنتان على زواجها .. مالت عواطفها وأحاسيسها إلى (سعد) ذلك الشاب الذي كان يعمل سائق حيث كان يوصلها هي وبعض من زميلاتها إلى المعهد الذي كانت تدرس فيه ..وقد بادلها حبا مهما صامتا بلا هدف وبلا أفق بعيد ..علما بأن "سعد" كان متزوجا من ابنه عمه وله طفل منها لقد أحبت صابرين "سعد" حبا أحست به انه قد حرك فيها كل المشاعر الوجدانية التي تكمن في داخلها لأنها إنسانة والإنسان كتلة مشاعر لقد تبادلا الحب والرغبة الجامحة في أن تكون له ويكون لها قلبا وروحا وجسدا استطاع "سعد" أن يوقظ كل أحاسيسها ..وكانا يلتقيان خفية بمجازفة في مجتمع لا يعرف للأحاسيس الإنسانية أي معنى، وهنا بدأت المأساة أرادت صابرين أن تمنع كل ما تمتلك لحبيبها.. واتفقت معه أن تلتقي به بعد خروج زوجها وكان ما كان وحدث ما حدث ألا أن القدر قد لعب دوره وعاد الزوج فجأة إلى داره ليرى ما يرى ..ظل صامتا وسلم صابرين إلى أهلها كي ينفذوا بها الإعدام بها غسلا للعار كما يدعون إما "سعد" فقد فر هاربا إلى بلد أخر وترك حبيبته سابحة بدمائها مقطوعة الرأس وطفلها الرضيع يبكي لان كان ضائعا هذه المأساة من المسئول عنها ؟ أنها مسؤولية التقاليد والأعراف الأفكار المتخلفة وتسليط المجتمع ألذكوري على المرأة لمحاولة كتم نفسها فلو كانت صابرين قد تزوجت باختيارها لما حصل ما حصل ترى من هو الجاني بالطبع العائلة.
الصفحة الحادية عشر/ السنة التاسعة/ العدد22 /20 اكتوبر 2012
0 comments:
Post a Comment