تمهيد: ترى أسرة المساواة في العمل شرفاً للمرأة وإنقاذا من الاستغلال الاجتماعي في ازمنة الحروب والضيق الاقتصادي، ولذا تحاول ان تشجع النساء في الانخراط في كل انواع العمل وان لا تفسح المجال لتصنيف العمل إلى عمل للرجال وعمل للنساء.
المساواة
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
المساواة
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
رسل الزيدي/ ألمانيا
للأنثى طبيعة وجسد يتميز بالرقة والنعومة، لان القيام بالاعمال الخشنة والشاقة تتطلب قوة عضلية لا تتناسب مع طبيعة كل النساء، لكن هناك ظروف قد تضطر المرأة الى القيام بأعمال تفوق قدرتها الجسدية باصرار وعزيمة، تتخلى عن نعومتها لتمارس اعمالا قاسية وخشنة، مما لاشك فيه أن المراحل والتحولات السياسية والاجتماعية التي يمر بها العراق مجتمعة اثرت تأثيرا كبيرا على حياة المرأة العراقية التي عانت لفترات طويلة والى الان من تبعات الحروب والارهاب والفقر، أن الإخفاقات الاجتماعية والاقتصادية وتدني المستوى المعيشي لبعض الاسر العراقية، دعا بعض النسوة الى ممارسة مهنة خشنة وشاقة عليهن ففي الوقت الذي أعتاد العراقيون على أن مهنة الحدادة للرجال ومن الملفت للنظر والمثير رؤية نساء حدادات، ففي ألآونة الاخيرة أضطرت شريحة من النساء الارامل وزوجات المفقودين اللائي يعشن ظروفا قاسية جدا بسبب افتقادهن المعيل فضلا عن وعمليات التهجير القسري مما أجبرهن للعمل في الحدادة وسط لهيب نيران منفاخ الحداد وتطاير شظاياه.
قسوة الحياة
كيف تتلاءم الرقة مع قسوة الحديد ؟؟ وكيف للانامل الناعمة أن تلوي قضبان الحديد الصلد ؟ بين ورش الحدادة في أحدى قرى مدينة الحلة كان هناك عدد من الحدادات اللواتي تحدثن عن رحلة عملهن وحياتهن اليومية و كيف يوفقن بين متطلبات الاسرة وحياتهن العملية الصــــــعبة؟
أم زينب (39 عاما) امرأة تزاول مهنة الحدادة " ــ فقدت زوجي اثناء مداهمة القوات الامريكية لمنطقة جرف الصخر، لدي منه سوى ستة اطفال، عشت بعد زوجي حياة صعبة من الجوع والعوز".
وتابعت " تعلمت هذه المهنة من جاري الذي يعمل حدادا وعلمني المهنة بشكل صحيح، ووفرت لاطفالي حياة مناسبة لكي يكملوا تعليمهم".
مبينة " أنها لما زاولت المهنة ضمت معها عدداً من النساء اللائي يفتقدن المعيل وفرت لهن حياة ملائمة وجيدة من أجل الاستمرار بالحياة الصعبة، مضيفة أنها ملتزمة بجميع الارشادات الصحية لممارسة هذه المهنة الصعبة والخطرة ".
لمسات أنثوية على الأبواب والشبابيك
المرأة تبدع بالاعمال الفنية الدقيقة التي تحتاج الى صبر ودقة كالتطريز وصناعة السجاد والحياكة والخياطة لكن أن تتمكن أن تضع لمساتها الفنية على حديد قاس وتبث فيه روح الجمال والتناغم بين الاشكال والمجسمات التي تبدو فيها براعة الصنعة واتقانها ومن المتميزات في هذا المجال الحدادة كاظمية (40 عاماً) أرملة تزاول المهنة مع أم زينب كنت اتسول في أحياء منطقة جرف الصخر،لا معيل لي ولدي ثلاث بنات، العوز والذل أتعبني جدا.
مشيرة الى " ان مزاولة هذا العمل يحفظ ماء وجهي، وألان مرتاحة حيث وفرت لبناتي مصدر عيش كريم، أجني من هذا العمل يوميا 25000 الف دينار مقابل اعمال اللحم والحدادة تقول همي الابداع في عملي وراضية برزقي ."
اما عن أم سرمد (39 عاما) فقدت زوجها أثناء أعمال العنف تقول :زوجي فقدته اثناء أعمال العنف والارهاب ولدي خمسة أطفال وجبت العراق جنوبا وشمالا ابحث عنه ولم ار عون الحكومات ولا المؤسسات المدنية، وتكبدت خسائر مادية ولا اعرف هل هو حي ام ميت
وتابعت ام سرمد انها زاولت مهنة الحدادة لتحافظ على منزلها وعائلتها من الهلاك والتشرد بعد أن تبرأ منها أهلها واهل زوجها بسبب أطفالها الخمسة وايضا صعوبة الحياة وتوفير لهم رغيف العيش. كما تؤكد انها لم تتعرض هي وزميلتها الى اي تحرش جنسي في ممارستها المهنة، بالعكس هناك تعاون وتفهم من قبل أهالي المنطقة معهن.
لفحات لهيب النار أرحم من ذل السؤال
أما عن الفتاة نجاة ( 28 عاما) قالت: " توفي والدي نتيجة المرض ووالدتي عاجزة عن العمل واقوم بممارسة هذا العمل الخطير من أجل اعالة أخوتي الثمانية و توفير حياة لائقة لهم ." .وأضافت نجاة " أنها سعيدة بهذا العمل وأفتخر بعملي بمعية نسوة يكافحن من أجل عوائلهن بعزة وكرامة دون ذل وأهانه ."
وتحدثت كريمه ( 41 عاما) أرملة قائلة: " لقد مللنا من طلب المساعدة من الحكومة المحلية والمؤسسات المدنية ولهذا عملنا بهذا العمل لكي نوفر لقمة عيش لأطفالنا ولعوائلنا " .
وأشارت " نحن تحدينا وعملنا بهذه المهنة الصعبة من أجل العيش، حيث هناك كثير من العوائل تتصل بنا من أجل اكمال لهم أعمال معينة من هذه المهنة، نحن فخورات حقا لما أنجزناه من عمل."
نظرة المجتمع
يقول السيد أبو محمد ـ كاسب ــ ان ممارسة مهنة الحدادة مهنة صعب جدا وخاصة على النساء ولكن الحياة في العراق تتطلب مزاولة كل الاعمال بسبب غياب الدعم الحكومي المحلي والمركزي لهذه الشريحة كذلك غياب المؤسسات المدنية الناشطة، حيث أنها تعاني من أخفاق في تعليمها وتسلط الذكوري عليها وانعدام حقوقها من كافة مجالات الحياة في العراق .
وأكد عدد أخر من المواطنين تشجيعهم بالقول: " نشد على يد هؤلاء النسوة في مزاولة مهنة خطرة لان المرأة أثبتت نجاحها في ممارسة كل الاعمال وممارسة المرأة دلا من التسول واراقة ماء وجهها امام الناس، نبارك لهن هذا العمل."
داعين " الجهات المدنية والحكومية في مراعاة النساء العراقيات لأن اعداد الايتام والارامل والمطلقات يزداد أعدادهم يوميا بسبب الاوضاع الذي يعشيها العراق."
نسعى لتخفيض نسبة الفقر
ومن جانب اخر ذكر عضو لجنة شؤون المواطنين في مجلس بابل حيدر الشمعوني: " أعتبر جسد المرأة ضعيف لكي تزاول هذه المهنة لكنها تحدت الرجل كونها أظهرت إبداعها وتألقها في الحدادة ولحم الحديد لافتا انه يشجع كل الاعمال التي تقوم بها المرأة العراقية والتي تحافظ على ماء وجهها ."
أن المرأة العراقية بالرغم كل المصاعب لكنها ستبقى هي الأساس في صناعة الأجيال وتكافح من أجلنا، حيث ان الذاكرة العراقية لا يمكنها أن تنسى أبداً ما سجلته من أدوار خلاقة التي ينبغي على أجيالنا الاقتداء بها، الا انها ستجد يوماً من الايام حلما يتحقق في مجتمعنا، وسوف تتخلص من براثن التقاليد وتشرع في بناء علاقات انسانية مدنية متمدنة ويمنح للمرأة وجودها الحقيقي في البناء والتقدم .
الصفحة الثامنة/ السنة التاسعة/ العدد20 /08 آذار 2012
0 comments:
Post a Comment