جميع الحقوق محفوظة لصالح جريدة المساواة الرجاء ذكر المصدر عند اعادة النشر او الاقتباس

All rights reserved for Al Mousawat Journal Please mention the source when you republish or quote




Thursday, March 7, 2013

ضرورة مساواة المرأة بالرجل في الميراث في القوانين العراقية




 رقية عبد علي

المقدمة
إن الدعوة الى قضية المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، هي ليست قضية أيدلوجية أو قضية استوردناها من الغرب، بل هي احد المبادئ الانسانية التي يجب ان يدعو لها كل من يريد بناء مجتمع خالٍ من التفرقة والتمييز وتحقير البشر على اساس الجنس/الجندر. ان المساواة التامة ليست شعاراً فضفاضاً يختبىء خلفه بعض من الحالمين او المدّعين لقيم غير قابلة للتطبيق او التصديق، بل هي مسألة لا يوجد اسهل من تطبيقها في حال توفر الارادة السياسية والانسانية. كما أنها ليست موضوعاً قابلاً للتعطيل او التأجيل او النقاش . لذلك كان الهدف من البحث هو الدعوة الى وضع قانون تتساوى فيه المرأة مع الرجل لا سيما في مجال الإرث للأسباب التي سيأتي ذكرها .
سوف نتطرق ببحثنا هذا في تبيان البراهين الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والثقافية والبيولوجية للمساواة في الإرث ، وكذلك تبيان الميراث والدين، والتأكيد على ان المساواة في الميراث لا يتنافى مع جوهر التوجه الديني ولكن مع التعليمات او الشرائع التي كتبت لتلائم زمانها آنذاك. ، وسنتحدث عن الميراث وقانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 ، وعن الميراث والمرأة.

"البراهين على ضرورة مساواة المرأة بالرجل في الميراث"

اولاً : البراهين الأجتماعية :-
إذ يستند على التطور الحاصل في المجتمع العربي منذ فترة كتابة التشريعات ولغاية وصولنا القرن الواحد وعشرين . والفارق بين الواقع الجديد للأسرة الزوجية وبين الأنموذج التشريعي للإرث القائم على العائلة الأبوية التقليدية الموسعة التي كانت تُبنى على نظام التراتب حسب الجنس والسن ، والممارسات الفردية التجديدية في اقتسام الإرث بالتساوي حيث يثبت الواقع أن المجتمع قادر في عديد من الحالات على تجاوز القوانين والقواعد التمييزية من خلال هبات بالتساوي لفائدة الأبناء والبنات وكذلك الوصية لفائدة الزوجة أو البنات أو بنات الأخ والأخت… والتصرف في الإرث بواسطة البيع بين الإخوة والأخوات. فلا يمكن للمشرع العصري تجاهل هذا التجديد في العلاقات الاجتماعية ، وبالاستناد إلى وقائع عديدة تثبت أن اللامساواة في الإرث تعكّر صفو العلاقات الاجتماعية والعائلية.
ثانياً : البراهين الأقتصادية :-
يتمثل هذه البرهان في المشاركة الاقتصادية للنساء ، حيث أصبحت النساء اللائي تغلغلن بمحيط العمل والوظيفة يساهمن  بصفة فعالة في تنمية المجتمع و تغطية تكاليف الحياة الأسرية  بما فيها اقتناء المسكن وتعهده . ونلاحظ ان قانون الإرث يساهم في تفقير المرأة ويسلبها حقوقها الإجتماعية و الإقتصادية ووضعها في مرتبة دونية.
وبذلك نلاحظ من هذين البراهين إن اللامساواة في الإرث عائق اجتماعي وعامل مؤثر في تدني الوضع الاجتماعي والاقتصادي للنساء مع بروز ظاهرة ( تأنيث الفقر )
ثالثاً : البراهين القانونية :-
أن التمييز في الإرث ينافي المبادئ الدستورية للمساواة بين المواطنين وضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية ولا سيما حرية المعتقد. وتنافي المقاييس الإنسانية المعترف بها في المعاهدات المصادق عليها .
رابعاً : البراهين الثقافية :-
وهو يعود إلى تاريخ توريث الأملاك في المجتمعات الإسلامية ونشأة نظام التوريث حيث أن إقصاء النساء من الإرث كان متصلا بالنظام القبلي للمجتمع العربي وغيره من المجتمعات في العصور القديمة. فالتراث يتحكم فيه درجة المشاركة في الحروب والغزوات والغنائم. إلى جانب  قاعدة القوامة ومسؤولية الإنفاق الموكولة إلى الرجل. ولا شيء في وقتنا الحاضر يبرر تواصل نظام التفرقة والتمييز.
خامساً : البراهين البيولوجية :-
وهي المساواة الطبيعية بين الجنسين  حيث أثبت العلم الحديث أن للرجل والمرأة نفس الميراث البيولوجي بمزاياه ونقائصه ( من الذكاء الفطري إلى الأمراض الوراثية) فكلاهما يحملان نفس الموروث الجيني البشري. و أن التمييز بين الرجل والمرأة في هذا المجال ينهل من نفس مصادر  النظريات العرقية التمييزية (بين البيض والسود مثلا) .
هذه هي البراهين العامة التي تثبت ضرورة المساواة في الإرث ، وسنأتي لذكر البراهين الخاصة بالمجتمع العراقي انموذجا .

"الإرث والأسلام "
ان اكبر عائق لتشريع قانون يساوي بين المرأة والرجل في الميراث هو عدم وجود "قراءة جديدة للنص الديني" ، او كما يقول الكاتب "طاهر حداد " في كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" : (الفرق الكبير البيّن بين ما أتى به الإسلام وبين ماجاء من أجله، وهو جوهره ومعناه فيبقى خالدا بخلود )
وكذلك يقول: (قد علل الفقهاء نقص ميراثها عن الرجل بكفالته لها. ولا شيء يجعلنا نعتقد خلود هذه الحالة دون تغيير. على أننا نجد الإسلام نفسه قد تجاوز هذه الحالة التي وجدها أمامه في كثير من أحكامه، اعتبارا بضرورة تبدلها مع الزمن فقرر للمرأة حريتها المدنية في وجوه الاكتساب وتنمية المال بالتجارة وغيرها من التصرفات.)
إنّ الطاهر الحداد يقرّر ضرورة المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الميراث متى توفّرت الظروف لذلك ، واعتقد ان الظروف التي تدعو الى المساواة متوافرة وكذلك البراهين التي ذكرناها وهذا كله يتماشى مع هدف الاسلام وهو العدالة الإنسانية .. ذلك ان الظروف التي كانت عليها الحياة قبل 1400 عاماً غيرها عن الحياة الأن ، ﻟﻘﺩ ﺤﻜﻡ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺁﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺒﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻟﺭﺠل ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺭﺍﺓ ﻓﻲ الميراث في ﻤﻭﺍﻀﻊ ﺼﺭﻴﺤﺔ وسنبين اسباب ذلك ، الا أن هذه الاسباب لم يعد لها وجود ، لذلك لم يعد هناك  مانع من تطبيق ﻤﺒﺩﺇ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﻨﺩ ﺘﻭﻓﺭ ﺃﺴﺒﺎﺒﻬﺎ ﺒﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻴﺭﻤﻲ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﺎﻤﺔ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻻﻋﻠﻰ. ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻴﻥ ﺒﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺞ ﻓﻲ ﺘﺸﺭﻴﻊ ﺃﺤﻜﺎﻤﻪ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻁﻭﻕ

أسباب ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻟﺭﺠل ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺭﺍﺓ ﻓﻲ الميراث في الأسلام وتفنيدها في الوقت الحاضر :
كان الرجل عند بدء الإسلام هو الذي يعمل وينفق على العائلة وكان دور المرأة محدود فقط في اعمال المنزل وتربية الأطفال بعكس الوقت الحاضر حيث نزلت المرأة الى ميدان العمل مثلها مثل الرجل وهناك الكثير من النساء  اللاتي تقود الأسره وتعمل وتربي الاطفال في نفس الوقت ، كما سنبين فيما بعد.

"الإرث وقانون الأحوال الشخصية العراقي المعدل رقم 188 لسنة 1959"
عندما وضع قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 في عهد عبد الكريم قاسم ساوى فيه بين المرأة والرجل في الميراث في المادة (74) منه ، . كان من موجبات إصدار القانون الملغى ضمنياً في المادة المذكورة، إقرار حقوق النساء ومجاراة العصر والمدنية، هو محاولة تأسيس هوية عراقية، بجمع الأحكام المشتتة بين المذاهب الفقهية، فوجود أكثر من حكم في الأحوال الشخصية إشارة بائنة إلى عزلة العراقيين عن بعضهم البعض. فان مشاركة المرأة في العمل، وبروزها في العديد من الأحيان مصدراً وحيداً لإعالة أسرتها قبل الزواج أو بعده، تتنافى مع قسمتها من الميراث. قال القاضي خروفة حول هذه المادة: "راعت اللجنة أيضاً الانسجام بين أحكام القانون المدني في الوصية وبين ما ورد في هذه اللائحة من أحكام. هذا ولما كان الاختلاف في أحكام الميراث- وهو من أسباب كسب الملكية- قد أوجد نتيجة اختلاف المذاهب، والتفاوت في انتقال حقوق الوارثين التي يقضي توحيد قواعدها مما حمل هذا الاختلاف بعض ذوي العلاقة على التحايل على القوانين، وإنشاء مجتمع مستقر في حقوقه وواجباته من أهداف الثورة.
ويقول عبد اللطيف الشواف أحد المكلفين بصياغة الدستور الدائم، الذي لم يُنجز: "جلب عبد الكريم القانون المدني، واطلع على القسم الخاص بانتقال حقوق التصرف في الأراضي الأميرية المفوضة بالطابو، وبما تنطوي عليه من البساطة ومن المنطقية وسهولة الفهم، واقترح وطلب إضافة المواد- كما وضعها السنهوري في القانون المدني إلى قانون الأحوال الشخصية، لتطبق على المواريث كلها، وبذلك نكون قد أكملنا نقص عدم وجود قسم للميراث في المشروع، علاوة على توحيد أحكام المذهبين السُنَّي والجعفري في هذه المسألة الهامة من مسائل الحياة". وأضاف الشواف أن عبد الكريم رفض التحذيرات من استغلال هذا النص واعتبار الحكومة ضد الشريعة الإسلامية "مستنداً إلى رأي أبداه رئيس مجلس السيادة اللواء نجيب الربيعي، بأن الإرث، وتحديده قد جاء في القرآن بصيغة الوصية" . جاء في الآية " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"(النساء 11). فنلاحظ أن المشرع العراقي قد منع الوصية الواجبة للزوجة الأبن وأجازها فقط للأحفاد  في المادة (74) وكذلك اشكالية نص المادة (89) من قانون الاحوال الشخصية ، حيث لم تنص على حصة المرأة في الإرث وفتح الباب نحو الأجتهاد القضائي بالرجوع الى فقه المذاهب التي كان العمل سائداً بها من قبل نفاذه الذي جاءت به المادة (90) ، ورجع القضاء بهذا الى الوراء بدلاً من التقدم نحو الأمام ، ذلك ان كل قاضي يفسر النص بأتجاه ينسجم ومخزونه المعرفي . عندما صدر دستور جمهورية العراق النافذ لسنة 2005  ، تعرضت المادة 41 منه الى نقد شديد والتى نصت على  "العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم، أو مذاهبهم، أو معتقداتهم، أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون"

يفهم من منطوق المادة أنها ألغت قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959.
من الممكن تفسير الهدف بكونه يعامل جميع المواطنين سواسية وبما يجاري روح العصر. ان هذه المادة فيها اكبر اجحاف بحق المرأة لأنها تترك مسائل احوال الشخصية حسب احكام المذاهب الاسلاميه المبنيه على فتاوي الفقهاء وهذه الفتاوي كما قلنا يطغى عليها الفكر الذكوري المعادي للمرأة الذي يظلم المرأة ويجعلها كائن من الدرجه الثانيه ، وجاءت هذه المادة ضد استقرار الأسرة العراقية ، و ضد المساواة بين العراقيين في الأحكام الشرعية، و تركهم لاجتهادات الفقهاء، ولتكريس الأحكام التي لم تعد مسايرة للتطور الزمني، وآفاق العلم، وممارسة الحرية والديمقراطية السياسية. بمعنى أن إلغاء قانون الأحوال الشخصية ممارسة جاءت مفارقة لمواد الدستور الأخرى التي أكدت وحدة العراق وتوجهه الليبرالي. فالزواج بسن التاسعة للفتاة، واستحالة تحمل أعباء وهموم العائلة والأمومة والصلات الزوجية، لم يعد مقبولاً حتى في المناطق الريفية، كذلك فان مشاركة المرأة في العمل، وبروزها في العديد من الأحيان مصدراً وحيداً لإعالة أسرتها قبل الزواج أو بعده، تتنافى مع قسمتها من الميراث.

أن المادة (41) من الدستور العراقي النافذ والكثير من نصوص قانون الاحوال الشخصية العراقي تناقض المادة (14) الدستور التي جاء فيها " : العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي" وغيرها من المواد الاخرى التي تكفل الحقوق والمساواة التامة بين الجنسين.
أغلب الدساتير العربية، اعتبرت المرأة مواطناً مساوياً للرجل بالحقوق والواجبات. في الوقت ذاته قوانين الأحوال الشخصية تتعارض في مضمونها مع الدستور، حيث تؤكد أن المرأة مهما علا شأنها، تبقى إنساناً قاصراً وقرارها ليس بيدها، سواء في الزواج، أم الطلاق، في الحضانة ،عدم المساواة في الإرث،…الخ وهناك اتفاق بين العاملين في الشأن القانوني وشأن حقوق الإنسان، والمدافعين عن حقوق المرأة، إن هذه القوانين تنتقص من حقوق المرأة، وهي تتعارض مع الدستور. كذلك ان ما جاء به الدستور العراقي في المادة 41 ونصوص قانون الاحوال الشخصية والتي من ضمنها مسائل الارث تخالف المواثيق الدوليه التي صادق عليها العراق ولا سيما الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والذي جاء فيه في المادة المادة 7.
• "كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا. "
ومن المؤسف حقاً ان العراق من الدول التي ساهمت ووقعت هذا الاعلان الا انه لم يتضمن في جميع دساتيره السبعة خاصة دستور عام 2005 أية اشارة  له او التمسك ببنوده مما يتطلب اعادة النظر في الدستور والتأكيد على مواده  لا سيما وان العراق موقع عليه وبهذا يعتبر  جزءاً من القانون الوطني . سؤال نترقبه هل سيعيش الانسان ظلاً ماضي مرير سلبه حريته وحقه أم ثائراً يرفض الظلم و القيم والرموز التي صنعها هو ليعيش حراً بما انجزه ؟ وحسبنا القول (ان الظلم اينما كان يهدد العدل في كل مكان)
"الميراث والمرأة"
-مليوني أرملة
العراق يتصدر قائمة دول العالم من حيث عدد الأرامل والأيتام*. هذه الظاهرة تأخذ بالاتساع منذ سبعينيات القرن الماضي أيام النزاع المسلح مع القوى الكردية، والإعدامات التي طالت الآلاف لأسباب سياسية، مرورا بسلسلة الحروب التي بدأت من ثمانينات القرن الماضي، ولم تنته حتى الآن. كل ذلك حول نسبة كبيرة من سكان العراق إلى أرامل أو أيتام. ونتيجة تلك الحروب المتلاحقة ظهرت أجيال متعددة من الأرامل والأيتام في المجتمع العراقي، ولعل معاناة الجيل الأحدث أقسى من الجيل الذي قبله لأنه مازال في خضم الصعوبات الناجمة عن فقدان الأزواج، فضحاياه من النساء وجدن أنفسهن مسؤولات عن أسر بلا مسكن تتألف من صغار غير قادرين على العمل   
لا احد في العراق قادر على اعطاء رقم دقيق لعدد الارامل اللواتي اصبحن بلا معيل خلال العهد الدموي للرئيس العراقي السابق صدام حسين، وخلال الحرب العراقية الايرانية التي امتدت من عام 1980 وحتى 1988، وحرب الخليج عام 1991، والعنف الطائفي الذي عصف بالعراق منذ الغزو الامريكي له عام 2003.
 واستنادا إلى ارقام وزارة التخطيط التي تعود إلى منتصف عام 2007، ان عدد المطلقات والارامل في العراق تجاوز مليونيي امرأة، من مجموع 8,5 مليون امرأة في العراق تترواح اعمارهن بين الخامسة عشرة والثمانين من العمر.
ان تزايد هذه المشاكل له اثر سلبي كبير على الاطفال حيث يتجه البعض منهم الى ترك الدراسة من اجل بسبب صعوبة العيش مما يحول دون انشاء مجتمع سليم . وفي دراسة قامت بها دائرة رعاية المرأة وجدت أن غالبية النساء المطلقات تتراوح أعمارهن بين ( 15 _ 25 ) أي انهن ما زلن في مقتبل العمر، وكذلك بينت الدراسة أن غالبيتهن لديهن طفل واحد على الأقل وهذا يعني انهن مسؤولات عن عائلة.
وللأسباب الاتيه لا بد من الاسراع في تشريع قانون المساواة بين المرأة  :
1.تجنب اتجاه المرأة نحو الاعمال التي تستلب منها كرامتها وحريتها كالبغاء انموذجا او غير ذلك من الاعمال على هذه الشاكلة، لا سيما في ازدياد الفقر والجهل وعدم اهتمام الدولة بوضع المرأة .
2.ان اعداد النساء ممن تركن بلا معيل او سند، في ازدياد، وعدد قليل منهن يحصلن على معونات مالية من الحكومة، ويخشى المسؤولون ان تكون عواقب الظروف الصعبة التي تعيشها هؤلاء النسوة مخيفة.
3.تشجيعهن على الاعتماد على أنفسهن من خلال فتح مشاريع اقتصادية صغيرة لهن.
4.من اجل وضع حل دائم لهؤلاء النسوة وليس حل مؤقت تقوم به دائرة رعاية الشؤون الاجتماعية بأعطائهن  مبلغ زهيد قد لا يتجاوز ال100 الف دينار فقط .
لا أعتقد ان هذه الاسباب لوحدها غير كافيه من اجل وضع تشريع تتساوى فيه المرأة مع الرجل في الميراث ، صحيح انها لن تحل مشاكل هؤلاء النسوه لكن على الاقل تخفف  من العبىء الكبير الذي تتحمله.

-المرأة العاملة
تشير العديد من الدراسات الى ان نسبة النساء العاملات في دوائر الدولة ومؤسساتها تزيد على عدد الرجال ، حصلت المرأة على الكثير من فرص العمل والدراسة لكنها ظلت تعتبر الجنس الثاني، وتحملت الكثير من الأعباء اضافة الى العمل اهمها قيادة الاسرة وتربية الاطفال ، واستمرت زيادة نسبة المرأة العاملة خصوصا بعد عودة الكثير من النساء الى الوظائف بعد 2003 وتوجه الفتيات بكثرة الى الجامعات ودخول النساء حتى في القطاع الخاص ، إذ كان عمل المرأة في الشركات الاهلية والمكاتب وغيرها من الاعمال غير اللائقة حسب وجهة نظر بعض الذكوريين الرجعية القبلية، لكنها تغيرت في السنوات الاخيرة، فلم تعد مؤسسة او شركة اهلية او قطاع اعلامي او ثقافي يخلو من حضور المرأة، وبالرغم من كل هذا مازالت المرأة تعاني من الكثير من الصعوبات ومن الغبن في الحصول على حقوقها في العديد من الجوانب القانونية والاجتماعية ومنها مساواتها في الإرث. وبذلك اصبحت الكثير من النساء يتحملن نفقة البيت ول يوجد اي مبرر لاعطائها نصف ميراث الرجل.

نستنتج من كل هذا وبعد ان بينا البراهين الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والثقافية والبيولوجية على مساواة المرأة بالرجل ، ولاحظنا ان المساواة لا تتنافى مع جوهر الفكر الانساني السمح، لا سيما في بلد تعمل فيه المرأة جنباً الى جنب مع الرجل وبوجود اكثر من مليوني ارملة ومطلقة انه لا بد من اعادة النظر في قانون الاحوال الشخصية  بما يتلائم مع هذه التغيرات والتطور المجتمعي والزمني ، ومتطلبات الحاجة الى تناسق القوانين مع التغيير وتنامي الوعي والانفتاح على التجارب القانونية للمجتمعات الاخرى وتلبية الاحتياجات الانسانية الى تنظيم اكثر بما يتناسب مع العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان عامة وحقوق المرأة  ، وأن المرأة قد أثبتت انها ليست اقل كفاءة من الرجل ، فقط انها بحاجة لفتح الطريق أمامها واعطائها حقوقها كاملة وازالة العوائق التي تعطل نصف المجتمع المتمثل بالمرأة .
وهذا ما انتبه اليه الاقليم الكردستاني حيث قام بتعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 بقانون رقم 15 لسنة 2008 جملة من المتغيرات الايجابية والتي تصب في صالح المرأة واخرى اشتملت متغيرات لفظية الهدف منها الاقتراب الى اقصى حد ممكن لتوضيح النص القانوني دون لبس ، وحذفت بعض الفقرات لعدم اتساقها القانوني مع تعديلات اخرى . وكان من اهم التعديلات هو تقييد حق الزواج من زوجة ثانية عن طريق اعطاء العصمة بيد المراة ان طلبت ذلك ويشترط باذن القاضي ، وقبول شهادة المرأة الى جانب الرجل في عقد الزواج كشاهدين، و جعل سن الزواج 16 سنة بعد ان كان 15 سنة واعطاء للمرأة عند فقدانها زوجها حق الولاية بغية منع اقاربه من تزويج بناتها ، ويعتبر الزواج باطلا اذا لم يتم الدخول وموقوفا اذا تم ، ويعاقب اقرباء الدرجة الاولى بالسجن 2-5 سنوات، وغيرهم ب 3-5 سنوات اي تم رفع العقوبة في الحالتين ، ورفع الغرامة على كل من اجرى عقد زواج خارج المحكمة الى 1-3 مليون بعد ان كان 300-1000 دينار، واعتبار النشوز تعالي احد الزوجين على الاخر اي يشمل الزوج ايضا في حين النص الاصلي يشمل الزوجة فقط وهو هجر الزوج او ترك الزوجة بلا اذن وبغير وجه شرعي ، اوتعسف اي من الزوجين في اداء الواجبات الزوجية او الاخلال بها واذا كان الزوج هو الناشز فيلزم بدفع نفقة الزوجة طيلة فترة النشوز وفي حالة التفريق بينهما، يلزم بدفع المهر المؤجل ونفقة العدة والتعويض المستحق واعتبار النشوز من اسباب التفريق بعد مرور 6 شهور في حين كان في السابق بعد مرور سنتين .و لا طاعة للزوج على زوجته وللزوجة على زوجها في كل امر مخالف لاحكام الشريعة والقانون ، في حين النص الاصلي لا وجود لحالة الزوجة وتم اضافة كلمة القانون . واحتساب النفقة للزوجة من تاريخ ترك الزوج لها او اختفائه او فقده او سجنه ويقوم صندوق الرعاية الاجتماعية بصرف النفقة المقدرة (في النص الاصلي من تاريخ اقامة االدعوة). ومنح الحق للزوجة الاولى لطلب الطلاق دون شرط في حالة زواج الزوج من امرأة ثانية في حين ان هذا الحق كان مشروطا في النص الاصلي باذن من المحكمة.ورفع شرط رضى الزوج بالخلع اذا تبين للقاضي ان الزوجة لا تطيق العيش معه.
صحيح انه لم يساوي المرأة بالرجل في الارث الا انه بطريقه الى ذلك فمن يلاحظ هذه التعديلات لا يشك بأن المشرع ذاهب نحو المساواة ولا سيما انه اجرى تعديلات في المادة 74 التي تخص الارث وجعلها تصب لصالح المرأة .

المصادر :
الكتب :
1.الطاهر حداد / امرأتنا في الشريعة والمجتمع
2.صلاح الدين سلطان / ميراث المرأة وقضية المساواة / دار نهضة مصر للطباعة والنشر / سنة 1999 (طبعة اولى )
3.خمسة عشر برهاناً دفاعاً عن المساواة في الإرث بين النساء والرجال / الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

المقالات :
-عادل القادري / قراءة في كتاب خمسة عشر برهاناً دفاعاً عن المساواة في الإرث بين النساء والرجال / موقع مكتوب
-سالم روضان الموسوي / حق ميراث المرأة في قانون الاحوال الشخصية النافذ وتطبيقات القضاء / موقع الحوار المتمدن
-العفيف الأخضر / المساواة في الإرث ضرورية وممكنة / الحوار المتمدن
-دراسة عن المشاكل التي تواجه المرأة المطلقة / موقع دائرة رعاية المرأة
-وضع المرأة العراقية بعد 2003 : بؤس وعدم احترام وأعمال مهينة / صحيفة الناس
-الأرامل والمطلقات قنبلة موقوته / موقع الشرق الاوسط
-أزهار رحيم /قراءة تحليلية لأثار تعديلات برلمان كوردستان على قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959/ مدونة الكاتبة أزهار رحيم .

0 comments:

Post a Comment