لسان حال امرأة عراقية
أنا لا أؤمن بكل ما ذكر في الكتب الدينية حتى ولو كان صحيحاً فما يناسب المرأة في العصور الغابرة لا يناسبها في هذا العصر وأنا أقولها بملء فمي: (أنا لستُ ناقصة عقل) كما ذُكر في الحديث ولست عورة كما ذُكر في حديث آخر ولست نجسة كالكلب الأسود ولا حتى الأبيض. ولا أرضى أن يقال بأن ديتي في حالة قتلي نصف دية الرجل فأنا لست اقل أهمية من الرجل ولست نجسة كي انقض وضوءه بمجرد الملامسة. ولست عديمة الإحساس كي أبقى أربعة أشهر وعشرة أيام في المنزل حداداً على رجل قد يكون أذاقني الأمرّين في حياتي. ولن أرضى أن احبس في المنزل حتى لا يُفتن بي رجل ما، كما ولن أرضى أن أغطي وجهي وكأنني اخجل منه. وأنا لست ضلعاً اعوج ولا قارورة ولا أرضى أن يتم قرني بالدابة والسكن في الشؤم.
لماذا أصوم واصلي وأحج واعمل العبادات وعندما أموت ادخل النار إن كان زوجي غير راضٍ عني ؟ لماذا تلعنني الملائكة حينما ارفض تلبية طلب زوجي في الفراش وحينما أطلبهُ ويرفض فليس عليه شيء ولن يُغضب الملائكة؟ لماذا بعد وفاة والدي أُعطى نصف ما يُعطى لأخي من الإرث بالرغم من انه عاش حياته منذ تخرجه من الثانوية لنفسه وتزوج أمريكية وعاش في ديارها ولم يسأل عن والده إلا ما ندر؛ بينما أنا من قمت بخدمة والدي أثناء مرضه وكنت اسهر الليالي إلى جانبه وصرفت عليه وعلى علاجه من مالي وأجلّت زواجي وعطلّت الكثير من أمور حياتي وبعد كل هذا فأنا بحاجة للمال بينما أخي غنيٌ جداً !!
أنا لن أرضى أن أكون مجرد جارية ضمن أربع جواري يأتيني الرجل ست مرات في الشهر وكأنه متفضلٌ علي بهذه المرات الست، ولن أرضى أن يضربني زوجي حتى ولو بمسواك بحجة إنني امرأته وللرجل حقُ في تأديبها! ولن أتقبل رفض زوجي مساعدتي مالياً لعلاجي إذا ما امرض بحجة الشرع، لأن علاجي أو شراء كفني بعد مماتي لا يُعد من واجبه شرعاً. ولن أرضى أن يكذب علي زوجي بسبب جواز الكذب على الزوجة شرعاً!
يؤسفني أن احمل وألد وأربي لأجد في الآخر بأن الطفل يُنسب لوالده بدون أي إشارةٍ أو ذكرٍ لمن تعبت عليه. وتقتلني حقيقة أن الطفل الصبي يُخّير عند سن السابعةِ بين والدته ووالده في حال طلاقهما بينما تُعطى البنت لوالدها حتى لو كانت ملتصقة وتبكي في حجر والدتها. كما ويؤسفني أن ليس للمرأة الحق في تقرير مصيرها فيستطيع الزوج طلاقها متى ما شاء وإعادتها متى ما شاء وكأنها نعجة يقودها كما يشاء ويبيعها متى ما شاء. ويؤسفني أن الزوجة تُعطى مهراً عند الزواج وكأنها بضاعة تشترى بمقابل ، بل وإنها يجب أن ترد له مهره حين تريد الطلاق حتى لو كان قد مر على زواجها ستون سنة. أنا لا أرضى بأن يعتبرني احدهم ابتلاء ابتلى الله والدي به والذي سيدخل الجنة إن صبر على ما ابتلاه.
لماذا اطرد من رحمته إذا ما نتفت إحدى شعرات حاجبي أو لبست الباروكة؟ لماذا لا تدخل الملائكة المنزل إن كنتُ كاشفةً لشعري؟ لماذا حينما يغيب عني زوجي ولا اعرف عنه شيئاً يجب أن انتظره أربع سنوات قبل أن يأذن لي القاضي ويطلقني غياباً؟ لماذا كل هذا الاحتقار لي كامرأة والانتقاص من آدميتي وتفضيل الرجل عليّ واعتباره أكثر كفاءة وأرجح عقلاً وأعلى مني درجة والوصي عليّ والمسؤول عني إلا أني حينما أخطئ فأنال نفس عقوبة الرجل ومع هذا نُعتبر نحنُ أهل النار.
اعرف بأن الكثيرات من النساء لا يرضين ذلك لأنفسهنّ ولكنهن لا يُعبرّن عن ذلك ويحتفظن به لأنفسهن، قد يفكرن بمحاولة تغيير تفكيرهن وواقعهن، لكن حين يبدأن التفكير بهذا الأمر؛ يرتعبن من مجرد الفكرة لأنها حتما ستشوه صورة الإسلام الموروثة ولأن ذلك سيجرفهن نحو عدم الإيمان بها ورفضها. أنا بصراحة ارحم هؤلاء الفتيات المستسلمات ولكن حينما أفكر بأنهن رضين بوضعهن أقول : "بكيفهم". ولكن، أنا إنسان ولي كرامة وعقل ولا أرى أن زوجي مثلاً أفضل أو أكثر رجاحةً مني أو قادر على فعل شيء أنا لا استطيع فعله فلماذا أرضى بأن أكون اقل منه حتى ولو بدرجة.
رأينا وضع البلدان التي لا يحكمها سوى رجال وهي أسوأ البلدان وضعاً على الإطلاق بعكس الدول المتقدمة التي تشارك المرأة الرجل فيها في اتخاذ القرارات السياسية وحكم البلد.
كلام مستهلك حفظناه لكثرة ما رُدد يخلو من المنطقية ولا يقنع سوى هؤلاء الذين لا يريدون تشغيل عقولهم.
اعرف إنكم انتم الرجال أصلاً غير مقتنعين بتبريراتكم وتعرفون يقيناً أن المرأة مهانة في الإسلام كبقية الأديان السماوية ولكنكم تكابرون لسبب أو لآخر والدليل إني كلما تحدث مع احد الرجال عن هذا الموضوع يتحدث كثيراً ثم يصل إلى مرحلة ويقول: "خلاص قفلي الموضوع" ولكنه يبقى مُطرق الرأس فترة يفكر في الموضوع !!
الصفحة السابعة/ السنة التاسعة/ العدد20 /08 آذار 2012
انا ابكي
ReplyDelete